قال: ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وإذا النوح في الدور. قال: ما هذا؟ قالوا: نساء الأنصار يبكين قتلاهم. وأقبلت امرأة تحمل ابنها وزوجها على بعير، قد ربطتهما بحبل ثم ركبت بينهما، وحمل قتلى فدفنوا في مقابر المدينة، فنهاهم عن ذلك وقال: واروهم حيث أصيبوا.
وقال لما سمع البكاء: لكن حمزة لا بواكي له. واستغفر له، فسمع ذلك سعد بن معاذ وابن رواحة وغيرهما، فجمعوا كل نائحة وباكية بالمدينة، فقالوا: والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء، قال: ما هذا؟ قال: فأخبر، فاستغفر لهم وقال لهم خيرا، وقال: ما هذا أردت وما أحب البكاء، ونهى عنه.
وقال يونس، عن ابن إسحاق، حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن نافع الأنصاري قال: انتهى أنس بن النضر إلى عمر، وطلحة، ورجال قد ألقوا بأيديهم فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل.
قال ابن إسحاق: وقد كان حنظلة بن أبي عامر التقى هو وأبو سفيان بن حرب، فلما استعلاه حنظلة رآه شداد بن الأسود. فضرب حنظلة بالسيف فقتله.
وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن صاحبكم لتغسله الملائكة، يعني حنظلة، فسألوا أهله ما شأنه؟ فسئلت صاحبته قالت: خرج وهو جنب حين سمع الهيعة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لذلك غسلته الملائكة.
وقال البكائي، عن ابن إسحاق: وخلص العدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته، وشج في وجهه،