للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا ما مضى القرن الذي أنت فيهم … وخلفت في قرن فأنت غريب

وإن امرءا قد سار سبعين حجة … إلى منهل من ورده لقريب

وقال أبو عبد الله الخلال: أنشدنا أبو الفضل لنفسه:

يا موت ما أجفاك من زائر … تنزل بالمرء على رغمه

وتأخذ العذراء من خدرها … وتأخذ الواحد من أمه

قال الخلال: خرج الإمام أبو الفضل من أصبهان متوجها إلى كرمان، فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم وقصد الطريق وحده، وقال:

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا … كفى لمطايانا بذكراك حاديا

قرأت على أبي الفضل الأسدي: أخبرك ابن خليل، قال: أخبرنا الخليل الراراني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق قال: ورد علينا الشيخ الإمام الأوحد أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، لقاه الله رضوانه، وأسكنه جنانه. وكان إماما من الأئمة الثقات في الحديث والروايات والسنة والآيات، وذكره يملأ الفم، ويذرف العين. قدم أصبهان مرارا، الأولى في أيام ابن منده، وسمع منه. سمعت منه قطعة صالحة. وكان رجلا مهيبا، مديد القامة، وليا من أولياء الله، صاحب كرامات، طوف الدنيا مفيدا ومستفيدا. ثم ذكر الدقاق شيوخه وباقي ترجمته.

وقال الخلال: كان أبو الفضل الرازي في طريق، وكان معه قليل من الخبز، وشيء يسير من الفانيد، فقصده جماعة من قطاع الطريق، وأرادوا أن يأخذوا منه، فدفعهم بعصاه فقيل له في ذلك، فقال: إنما منعتهم لأن الذي كانوا يأخذون مني كان حلالا، وربما كنت لا أجد مثله حلالا. ودخل كرمان في هيئة رثة، وعليه أخلاق وأسمال، فحمل إلى الملك وقالوا: هو جاسوس. فقال الملك: ما الخبر؟ قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السماء؟ فإن كنت تسألني عن خبر السماء، فـ ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ وإن كنت تسألني عن خبر الأرض، فـ ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ فتعجّب الملك من كلامه وأكرمه، وعرض عليه مالًا، فلم يقبله.

١١٢ - عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك، أبو القاسم الغساني الأندلسي البجاني اللغوي.