وفيها: أمَرَ القاهر بتحريم القِيان والخمر، وقبضَ على المغنّين، ونفى المخانيث، وكسر آلات اللهو. وأمَرَ ببيع المغنّيات من الجواري على أنّهن سواذج. وكان مع ذلك يشرب المطبوخ والسّلاف، ولا يكاد يصحو مِن السُّكر، ويختار القَيْنات ويسمعهنّ.
وفيها: عزل القاهر الوزير محمداً، واستوزر أبا العبّاس بن الخصيب. وحجّ بالنّاس مؤنس الورقانيّ.
وفيها: تُوُفّي أبو جعفر الطّحاوي شيخ الحنفيّة.
وفي ربيع الأوّل تُوُفّي أمير مصر أبو منصور تكين الخاصّة بمصر وحُمِلَ إلى بيت المقدس، وقام بعده بالأمر ابنه محمد يسيراً. ثمّ ولي محمد بن طُغْج. وعُزِل بابن كَيْغَلَغ بعد اثنتين وثلاثين يوماً.
وقدِم على قضاء مصر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قُتيبة، ثم صُرِفَ بعد شهرين ونصف.
وفيها: تُوُفّيت شغب أمّ المقتدر كما قدَّمنا. وكان دخْلها من مُغَلِّها في العام ألف ألف دينار، فتتصدّق بها، وتُخرج مِن عندها مثلها. وكانت صالحة. ولمّا قُتِل ابنها كانت مريضة، فعظُم جَزَعُها، وامتنعت من الأكل حتّى كادت تهلك. ثمّ عذّبها القاهرُ، فحلفت أنّه ما عندها مال، فقيل: ماتت في العذاب معلّقة، وقيل لا. ولم يظهر لها إلاّ ما قيمته مائة وثلاثون ألف دينار لا غير. وكان لها الأمر والنَّهْي في دولة ابنها.
وقد ذكرنا قتل مؤنس الخادم الملقَّب بالمظفّر، وكان شجاعاً فاتكاً مَهِيباً، عاش تسعين سنة، منها ستّون سنة أميراً. وكان كلّ ما له في عُلُوٍّ ورِفْعة. كان قد أبعده المعتضد إلى مكّة، ولمّا بُويع المقتدر أحضره وفوَّض إليه الأمور. وقد مَرّ مِن أخباره.
وفيها: غلبت الرُّوم على رساتيق مَلَطْية وسُمَيْساط، وصار أكثر البلد في أيديهم.