بياضا وصفرة من السلاح المذهب، فقال طاهر بن الحسين: هذا ما لا قبل لنا به، ولكن نجعلها خارجية، نقصد القلب، فهيأ سبعمائة من الخوارزمية، قال أحمد بن هشام الأمير: فقلنا لطاهر: تذكر علي بن عيسى البيعة التي كانت، والبيعة التي أخذها هو للمأمون علينا معشر أهل خراسان. قال: نعم، فعلقناهما على رمحين، وقمت بين الصفين، فقلت: الأمان، ثم قلت: يا علي بن عيسى ألا تتقي الله؟ أليس هذه نسخة البيعة التي أخذتها أنت خاصة؟ اتق الله، فقد بلغت باب قبرك، قال: من أنت؟ قلت: أحمد بن هشام – وقد كان علي ضربه أربعمائة سوط - فصاح علي: يا أهل خراسان، من جاء به فله ألف درهم، وكان معنا قوم بخارية، فرموه وزنوه، وقالوا: نقتلك ونأخذ مالك.
وخرج من عسكر علي العباس بن الليث ورجل آخر، فشد عليه طاهر فضربه قتله، وشد داود سياه على علي بن عيسى فصرعه وهو لا يعرفه، فقال طاهر بن الناجي: أعلي بن عيسى أنت؟ قال: نعم! وظن أنه يهاب فلا يقدم عليه أحد، فشد عليه فذبحه بالسيف، ثم انهزم جيشه.
قال أحمد: فتبعناهم فرسخين، وواقفونا اثنتي عشرة مرة؛ كل ذلك نهزمهم، فلحقني طاهر بن الناجي ومعه رأس علي، فصليت ركعتين شكرا، ووجدنا في عسكره سبعمائة كيس، في كل كيس ألف درهم، ووجدنا عدة بغال عليها له خمر سوادي، فظنت البخارية أنه مال، فكسروا تلك الص اديق فرأوه خمرا، فضحكوا وقالوا: عملنا العمل حتى نشرب. وأعتق طاهر من كان بحضرته من غلمانه شكرا. فلما وصل البريد إلى المأمون سلموا عليه بالخلافة، وطيف بالرأس في خراسان.
وجاء الخبر بقتله إلى الأمين وهو يتصيد السمك، فقال للذي أخبره: ويلك دعني، فإن كوثرا قد صاد سمكتين وأنا ما صدت شيئا بعد.
وقال شاعر من أصحاب علي:
لقينا الليث مفترشا يديه وكنا ما ينهنهنا اللقاء نخوض الموت والغمرات قدما إذا ما كر ليس به خفاء