وضرب الحُلوق واصطدام الخيول، أصوات أنواء أم صب دماء، ولمع بُرُوق أو وقع سُيوف، وظُلمة ليل أم نقع خيل، فيا لها ملحمة من ملاحم الإسلام لم يعهد مثلها في هذه الأعوام، وفي كل ذلك يتولى الله الإسلام بنصره، حتى وثق المؤمنون بالتأييد، وتلاقوا ليوم على فيصل الحرب وثبتوا، ولذ لهم الموت، حتى قال أبو النصر محمد بن عبد الجبار في تاريخه: فغادورا من جماهير الكفار قريبا من مائة ألف عنان صرعى على وجه البسيطة، عن نفوس موقوذة، ورؤوس منبوذة، وأيد عن السواعد مجذوذة، بدعوة جفلا للسباع والطيور. وأفاء الله على المجاهدين مائة ألف غلام كالبدور وجواري كالحور، وخيل ملأت الفضاء وضاقت عنها الغبراء، فعم السرور وزينت المدائن والثغور. ولم ينشب طُغانُ بعد أن رجع من هذه الوقعة الميمونة أن توفاه الله سعيدا شهيدا، وتملك بعده أخوه، فزوج السلطان محمود ابنه بكريمة هذا الملك وعمل عرسه عليها ببلخ وزينت بلخ.
١٠٠ - بهاء الدولة، أبو نصر ابن سلطان عضد الدولة ابن بويه الديلمي.
توفي بأرجان في جمادى الأولى، وله اثنتان وأربعون سنة. وكانت أيامه اثنتين وعشرين سنة ويومين، ومات بعلة الصرع. وولي بعده ابنه سلطان الدولة اثنتي عشر سنة، وولي هو السلطنة ببغداد بعد أخيه شرف الدولة، وهو الذي خلع الطائع لله، كما تقدم.
١٠١ - الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله البغدادي الوراق، شيخ الحنابلة.
قال القاضي أبو يعلى: كان ابن حامد مدرس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه، وله المصنفات العظيمة منها: كتاب الجامع، نحو أربعمائة جزء يشتمل على اختلاف العلماء، وله مصنفات في أصول السنة، وأصول الفقه، وكان معظما في النفوس، مقدما عند الدولة والعامة.
قال الخطيب: روى عن ابي بكر محمد بن عبد الله الشافعي،