الشيخ رسلان بيده، وأهل هذه الناحية يشربون منه للبركة، ومن أوجعه جوفه أو حصل له ألم يشرب منه فيعافى بإذن الله، وقد جربه جماعة، ثم أراني طبقة وقال: هذا بيت الشيخ رسلان، وإلى جانب الطبقة دكان حياكة، فقال: في هذا المكان كان يعمل بالمنشار، وهنا كلمه المنشار مرتين، وفي الثالثة كلمه وتقطع ثلاث قطع، وقال: يا رسلان، ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت. فترك العمل وجلس في هذا المعبد؛ وهو مسجد صغير. وعاد نور الدين الشهيد اشترى دارا مجاورة للمسجد وكبر وبنى له منارة ووقف عليه.
قال: وحكى لي الشيخ يوسف المؤذن عن الشرف الحصري أن نور الدين الشهيد سير إلى الشيخ رسلان ألف دينار مع مملوك، وقال: إن أخذها منك فأنت حر لوجه الله. فجاء بها إليه وهو يبني المعبد الذي بظاهر دمشق، فقال له: ما يستحي محمود يبعث هذه، وفي عباد الله من لو شاء لجعل ما حوله ذهبا وفضة! فرأى المملوك الحيطان والطين ذهبا وفضة، فتحير وقال: يا سيدي، قد جعل عتقي على قبولك هذا الذهب. فأخذها وصرفها في الحال على المساكين والأرامل والأيتام، ففرقت بحضور المملوك.
وذكر أيضا أن الشيخ رسلان أعطى نور الدين من المنشار الذي كلمه وتقطع قطعة، قال: فأوصى نور الدين لأصحابه وأهله إذا مات أن يضعوها في كفنه.
قلت: والشيخ علي الحريري صحب المغربل صاحب الشيخ رسلان، ويقال: إن هذه القبة بناها الشيخ رسلان على شيخه أبي عامر لما أعطاه بعض التجار مبلغا من المال، فالله أعلم.
ومناقب الشيخ رسلان كثيرة، اقتصرنا منها على هذا، فرحمه الله ورضي عنه، وكان عريا من العلم بخلاف الشيخ أبي البيان.
٣٨٩ - ريحان الحبشي، أبو محمد الزاهد الشيعي.
كان بالديار المصرية بعد الخمسين، وكان من فقهاء الإمامية الكبار، قال ابن أبي طيئ في تاريخه: كان مقيما بالقاهرة، وكان مولى الأمير سديد الدولة ظفر المصري. تفقه على الشيخ الفقيه علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن كامل الفقيه المصري، وعليه تخرج، وقرأ عليه في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة