وقال عبد الوهاب الأنماطي: كان قاضي القضاة الشّامي حسن الطّريقة، ما كان يتبسّم في مجلس قضائه.
قال السّمعاني: توفي في عاشر شعبان، ودفن في تربةٍ له عند أبي العبّاس بن سريج. وله ثمانية وثمانون عاماً.
٢٩٢ - محمد بن أبي نصر فتّوح بن عبد الله بن فتّوح بن حميد بن يصل، الحافظ أبو عبد الله الأزدي الحميدي الأندلسي الميورقي، وميورقة: جزيرة قريبة من الأندلس.
سمع بالأندلس، ومصر، والشّام، والحجاز، وبغداد واستوطنها، وكان من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم الفقيه.
قال: ولدت قبل العشرين وأربع مائة. سمع ابن حزم، وأخذ عنه أكثر كتبه، وأبا العباس أحمد بن عمر العذري، وأبا عمر بن عبد البرّ. ورحل سنة ثمانٍ وأربعين وأربع مائة. فسمع بإفريقيّة كثيراً، ولقي كريمة بمكّة. وسمع بمصر القاضي أبا عبد الله القضاعي، وعبد العزيز ابن الضّرّاب، وابن بقاء الورّاق، والحافظ أبا زكريا البخاري، وبدمشق أبا القاسم الحسين الحنّائي، وعبد العزيز الكتّاني، وأبا بكر الخطيب، وببغداد أبا الغنائم ابن المأمون، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، والطّبقة، وبواسط أبا غالب بن بشران اللّغويّ. ولم يزل يسمع ويكثر حتّى كتب عن أصحاب الجوهري.
روى عنه شيخه الخطيب في مصنفاته، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو علي بن سكّرة، وأبو الحسن بن سرحان، وأبو بكر بن طرخان، وهبة الله ابن الأكفاني، وأبو القاسم ابن السمرقندي، والحافظ إسماعيل بن محمد، وصدّيق بن عثمان التبريزي، وأبو إسحاق الغنوي، وأبو الفضل محمد بن ناصر، وطائفة آخرهم أبو الفتح ابن البطّي. سمع الكثير ورحل وتعب. وكان من كبار الحفّاظ.
وكان ثقة، متديناً، بصيراً بالحديث، عارفاً بفنونه، خبيراً بالرجال، لا سيما بأهل الأندلس وأخبارها، مليح النّظم، حسن النغمة في قراءة الحديث، صيّناً ورعاً، جيّد المشاركة في العلوم.