وفيها عقد المعتمد على الله لأخيه الموفق أبي أحمد على الشام ومصر، ثم جهزه ومفلحاً إلى حرب الخبيث رأس الزنج، فكانت في هذه السنة وقعة بين الزنج وبين منصور بن جعفر بن دينار، فانهزم عن منصور عسكره، وساق وراءه زنجي فضرب عنقه، واستباحت الزنج عسكره.
وعرض أبو أحمد ومفلح في جيش لم يخرج مثله من دهر في العدد والفرسان والأموال والخزائن، فلما وصل الموفق أبو أحمد إلى دير معقل انهزم جيش الخبيث مرعوبين، فلحقوا به، لعنه الله، وقالوا: هذا جيش هائل لم يأتنا مثله، فجهز عسكراً كبيراً، فالتقوا هم ومفلح، فاقتتلوا أشد قتال، وظهر مفلح، ثم جاءه سهم غرب في صدره، فمات من الغد، وانهزم الناس وركبتهم الزنج واستباحوهم، وتحيز الموفق إلى الأبلة وتراجع إليه الفل ونزل نهر أبي الأسد، ثم بعث جيشاً، فالتقوا هم وقائد الزنج يحيى، فنصر الله، وأسر طاغيتهم هذا، وقتل عامة أصحابه، وبعث به إلى المعتمد فضربه، وطوف به، ثم ذبحه وأحرق جثته.
وسار الموفق إلى واسط.
ووقع الوباء الذي لا يكاد يتخلف عن الملاحم بالعراق، ومات خلق لا يحصون، ومات من عسكر الموفق خلق، ثم تجمعت الزنج، فالتقاهم الموفق، فقتل خلق من جنده وانهزموا، وتفرق عنه عامة جنده، ثم تحيز وسلم.
وعظم البلاء بالخبيث وأصحابه، وكان هذا الخبيث المذكور كذابا ممخرقا يدعي أنه أرسل إلى الخلق، فرد الرسالة، وكان يوهم أصحابه أنه يطلع على المغيبات، ويفعل ما ليس في قدرة البشر.
وكان يحيى بن محمد البحراني الأزرق قائد جيوش الخبيث، فقتل بسامراء بعد أن قطعت أربعته.
ثم كانت وقعات بين الخبيث والموفق كانوا فيها متكافئين.
وفيها كانت هدات عظيمة بالصيمرة، وزلازل سقطت منها المنازل، ومات تحت الردم ألوف من الناس.