التلميذ: لم لا شاركتم الجماعة في البحث لنعلم ما عندكم من هذه الصناعة؟ فقال: وهل تكلموا بشيء إلا وأنا أعلمه، وسبق إلى فهمي أضعافه؟! قال: فعلى من قرأتم؟ قال: يا سيدنا إذا صار الإنسان إلى هذا السن ما يبقى يليق به إلا أن يسأل: كم لكم من التلاميذ. قال: فأخبرني ما قرأت من الكتب؟ قال: سبحان الله! صرنا إلى حد الصبيان، أيقال لمثلي هذا؟ إنما يقال لي: ما صنفتم في الطب؟ وكم لكم من الكتب والمقالات؟ ولا بد أن أعرفك بنفسي. ثم دنا إلى أذن أمين الدولة وقال له سراً: اعلم بأنني قد شخت وأنا أوسم بالطب، وما عندي إلا معرفة اصطلاحات مشهورة، وعمري كله أتكسب بهذا الفن، ولي عائلة، فسألتك بالله يا سيدنا أن تكاسر عني ولا تفضحني بين الجماعة. فقال: على شرط أنك لا تهجم على مريض بما لا تعلمه ولا تشير بفصد ولا بإسهال إلا لما قرب من الأمراض. فقال الشيخ: هذا مذهبي مذ كنت وما تعديت شراب الليمون والجلاب. فقال ابن التلميذ للجماعة جهراً: يا شيخ ما كنا نعرفك فاعذرنا والآن قد عرفناك، فاستمر فيما أنت فيه.
وقال ابن أبي أصيبعة: حدثني سعد الدين بن أبي السهل البغدادي العواد، قال: رأيت ابن التلميذ، وكان يحب صناعة الموسيقى، وله ميل إلى أهلها، وكان شيخًا ربع القامة، عريض اللحية، حلو الشمائل، كثير النادرة.
ومن شعر ابن التلميذ:
لو كان يحسن غصن البان مشيتها تأودًا لمشاها غير محتشم في صدرها كوكبا نور أقلهما ركنان لم يقربا من كف مستلم صانتهما في حريم من غلائلها فنحن في الحل والركنان في الحرم
وله:
عانقتها وظلام الليل منسدل ثم انتبهت ببرد الحلي في الغلس فصرت أحميه خوفًا أن ينبهها وأتقي أن يذوب العقد من نفسي
وله:
أكثر حسو البيض كيما يستقيم قيام أيرك ما لا يقوم ببيضتيك فلا يقوم ببيض غيرك