زمانه في صناعة الطب، وفي مباشرة أعمالها ويدل على ذلك ما هو مشهور من تصانيفه وحواشيه على الكتب الطبية، وكان ساعور البيمارستان العضدي ببغداد إلى حين وفاته. سافر في صباه إلى العجم، وبقي بها في الخدمة زمانًا. وكان يكتب خطًا منسوبًا، خبيرًا باللسان السرياني واللسان الفارسي واللغة، وله نظم حسن ظريف وترسل كثير، وكان والده أبو العلاء صاعد طبيبًا مشهورًا. وكان أمين الدولة، وأبو البركات أوحد الزمان في خدمة المستضيء بأمر الله، وكان أوحد الزمان أفضل من أمين الدولة في العلوم الفلسفية، وله فيها تصانيف. وكان الآخر أبصر بالطب، وكان بينهما عداوة، لكن كان ابن التلميذ أوفر عقلًا، وأجود طباعًا.
وقال ابن خلكان: وكان أوحد الزمان، واسمه هبة الله بن علي بن ملكا، يهوديًا فأسلم في آخر أيامه، وأصابه الجذام فعالج روحه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أن جوعها، فبالغت في نهشه، فبرئ من الجذام وعمي، فعمل ابن التلميذ:
لنا صديق يهودي من حماقته إذا تكلم تبدو فيه من فيه يتيه والكلب أعلى منه منزلة كأنه بعد لم يخرج من التيه
وقال الموفق عبد اللطيف بن يوسف: كان ابن التلميذ كريم الأخلاق، عنده سخاء ومروءة، وأعمال في الطب مشهورة، وحدوس صائبة، منها أنه أدخل إليه رجل منزف يعرق دمًا في الصيف فيسأل تلاميذه، وكانوا قدر خمسين، فلم يعرفوا المرض، فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي، ففعل ذلك ثلاثة أيام، فبرئ، فسأله أصحابه عن العلة، فقال: إن دمه قد رق، ومسامه تفتحت، وهذا الغذاء من شأنه تغليظ الدم ويكثف المسام.
قال: ومن مروءته أن ظهر داره كان يلي النظامية، فإذا مرض فقيه نقله إليه، وقام في مرضه عليه فإذا أبل وهبه دينارين وصرفه.
وقال الموفق بن أبي أصيبعة: وكان الخليفة قد فوض إليه رياسة الطب، فلما اجتمعوا إليه ليمتحنهم، كان فيهم شيخ له هيئة ووقار فأكرمه، وكان للشيخ دربة ما بالمعالجة من غير علم. فلما انتهى الأمر إليه قال له ابن