حتى قُتل بينهم رجل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشرّ، وتحاربوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن على السور من يمنعهم، فملكوا البلد، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها بعث المقتفي عسكرًا يحاصرون تكريت، فاختلفوا وخامر ترشك المقتفوي، واتفق مع متولي تكريت، وسلكوا درب خراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفعهم، فهربوا، فسار إلى تكريت، وشاهد القلعة ورجع، ثم برز السُرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملكشاه عنها، فانهزم إلى خوزستان، فنزل الخليفة بظاهر واسط أيامًا، ورجع إلى بغداد.
وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغرق، انفلقت السفينة التي كان فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير.
وفيها قتلة العادل علي بن السلار بمصر.
وفيها حاصر الملك غياث الدين الغوري مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسلطان سنجر.
وفيها سار شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين، فافتتح مدينة من الهند، فتحزّبت عليه ملوك الهند، وجاؤوا في جيش عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون، وجاءت شهاب الدين ضربة في يده اليسرى بطُلت منها، وجاءته ضربة أخرى على رأسه فسقط، وحجز الليل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا به، فغضب على أمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكل واحد منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوه ليضربنّ أعناقهم، فأكلوه بعد الجهد، ثم نجده أخوه بجيش ثقل، فالتقى الهند ونُصر عليهم.
قال ابن الأثير: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عدد يضيق عنه الفضاء، فراسلها شهاب الدين الغوري بأنه يتزوجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات، فأتى هندي إلى شهاب الدين، فذكر أنه يعرف مخاضة، فجهّز جيشًا عليهم حسين بن خرميك الغوري الذي صار صاحب هراة بعد، وكان شجاعًا مذكورًا، فساروا مع الهندي، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السيف، واشتغل الموكَّلون بحفظ المخاضات، فعبر شهاب الدين في