وأربع مائة، وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهري، والقاضي أبا يعلى، والحسن بن غالب المقرئ، وجماعة.
روى عنه: أبو حفص المغازلي، وأبو المعمر الأنصاري، ومحمد بن أبي بكر السنجي، والسلفي، وخطيب الموصل، وآخرون.
وتفقه على القاضي أبي يعلى، وعلى الموجودين بعده، وقرأ علم الكلام على أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم ابن التبان البغداديين صاحبي القاضي أبي الحسين البصري.
أنبئت عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: ما رأت عيني مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته، ولقد تكلم يومًا مع شيخنا أبي الحسن إلكيا في مسألة، فقال له شيخنا: هذا ليس بمذهبك. فقال له أبو الوفاء: أكون مثل أبي علي الجبائي، وفلان، وفلان لا أعلم شيئًا؟ أنا لي اجتهاد، متى ما طالبني خصم بحجة، كان عندي ما أدفع به عن نفسي وأقوم له بحجتي. فقال شيخنا: كذلك الظن بك.
قلت: وكان إمامًا مبرزًا، مناظرًا، كثير العلوم، له يد طولى في علم الكلام. وكان يتوقد ذكاء، له كتاب الفنون لم يصنف في الدنيا أكبر منه، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربع مائة يحكي فيه بحوثا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع له.
وقال: عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم، وما خالطت لعابًا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم، وأنا في عشر الثمانين، أجد من الحرص على العلم أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة، وأنا اليوم لا أرى نقصًا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية، إلا أن القوة ضعيفة.
قال ابن الجوزي: وكان دينًا، حافظًا للحدود، توفي له ولدان، فظهر