منه من الصبر ما يتعجب منه، وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلف سوى كتبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار. وتوفي بكرة الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى، وكان الجمع يفوت الإحصاء. قال شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاث مائة ألف.
أخبرنا إسحاق الأسدي، قال: أخبرنا أبو البقاء يعيش، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الخطيب، قال: أخبرنا أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا هوذة، قال: حدثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل، فقال: إنما معيشتي من صنعة يدي التصاوير. فقال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبدًا. فربا له الرجل واصفر، فلما رأى ذلك منه، قال: فإن لم يكن من ذلك بد فعليك بالشجر وما لا روح فيه.
رأيت شيخنا وغيره من علماء السنة والأثر يحطون على ابن عقيل لما تورط فيه من تأويلات الجهمية، وتحريف النصوص، نسأل الله الستر والسلامة، وقد توفي في سادس عشر جمادى الآخرة، وقيل في جمادى الأولى، فالله أعلم.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي فيه: فريد دهره، وإمام عصره، وكان حسن الصورة، ظاهر المحاسن. قرأ بالروايات على أبى الفتح بن شيطا، وأخذ النحو عن أبي القاسم بن برهان.
وقال: قرأت على القاضي أبي يعلى من سنة سبع وأربعين إلى أن توفي، وحظيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني. وكان