قال أبو شامة: وحكى لي والدي، وكان قد حج معهم، قال: شق على الناس ما جرى عليه، وأراد كثير منهم أن يقاتلوا الذين صدوه عن الحج، فنهاهم وفعل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين صد عن البيت، فقصر عن شعره، وذبح ما تيسر، ولبس ثيابه، ورجع وعيون الناس باكية، ولهم ضجيج لأجله.
وفيها حفر خندق حلب، فظهر قطع ذهب وفضة، فكان الذهب نحو عشرة أرطال صوري، والفضة بضعة وستين رطلاً، وكان على هيئة اللبن.
قال أبو شامة: فيها ورد الخبر بخلاص خوارزم شاه من أسر التتار وعوده إلى ملكه، وذلك أنه كان منازلاً لطوائف من التتار بعساكره، فخطر له أن يكشف أمورهم بنفسه، فسار ودخل عسكرهم في زي التتر هو وثلاثة، فأنكروهم وقبضوا عليهم، وضربوا اثنين فماتا تحت الضرب، ولم يقرا ورسموا على خوارزم شاه ورفيقه، فهربا في الليل.
وفي المحرم قتل أيدغمش صاحب همذان والري. وكان قد قدم في سنة ثمان فأنعموا عليه، وأعطاه الخليفة الكوسات، وجهزه من بغداد إلى همذان، فبيته التركمان وقتلوه، وحملوا رأسه إلى منكلي، فعظم قتله على الخليفة. وتمكن منكلي من الممالك، واستفحل أمره.
وفي ذي الحجة ولد الملك العزيز بحلب من ضيفة بنت العادل، قال ابن واصل: فزينت حلب، فصاغ له عشرة مهود من الذهب والفضة، ونسج للطفل ثلاث فرجيات من اللؤلؤ والياقوت، ودرعان، وخوذتان، وبركسطوان من اللؤلؤ، وغير ذلك، وثلاثة سروج مجوهرة، وثلاثة سيوف غلفها بالذهب والياقوت، ورماح إستها جوهر منظوم، وفرحوا به فرحاً زائداً.