عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس فبكى يحيى وقال: اجترأت علي، ذهب أصحابي خالد بن الحارث، ومعاذ بن معاذ.
قال أحمد العجلي: عفان بصري ثقة، ثبت، صاحب سنة. كان على مسائل معاذ بن معاذ القاضي، فجعل له عشرة آلاف دينار على أن يقف على تعديل رجلٍ فلا يقول عدل ولا غير عدل، فأبى، وقال: لا أبطل حقا من الحقوق. وكان يذهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل، فجاء يوما إلى معاذ وقد تلطخت بالناطف. قال: ما هذا؟ قال: إني أبعد فأجوع، فأخذت ناطفا في كمي أكلته.
وقال عبد الله بن جعفر المروزي: سمعت عمرو بن علي يقول: جاءني عفان فقال: عندك شيء نأكله؟ فما وجدت شيئا، فقلت: عندي سويق شعير، فقال: أخرجه، فأخرجته فأكل أكلا جيدا، وقال: ألا أخبرك بأعجوبة! شهد فلانٌ وفلان عند القاضي بأربعة آلاف دينار على رجل. فأمرني أن أسأل عنهما. فجائني صاحب الدنانير فقال لي: لك من هذا المال نصفه وتعدل شاهدي؟ فقلت: استحييت لك، وشهوده عندنا غير مستورين.
وقال حنبل: حضرت أبا عبد الله وابن معين عند عفان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم، يعني نائب بغداد للمحنة، وكان أول من امتحن من الناس عفان، فسأله يحيى بن معين فقال: أخبرنا، فقال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك، أي لم أجب، فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني إسحاق، فلما دخلت عليه قرأ علي كتاب المأمون، فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول: القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإلا فاقطع عنه الذي يجري عليه، وكان المأمون يجري عليه خمس مائة درهم كل شهر، قال: فقال لي إسحاق: ما تقول؟ فقرأت عليه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى ختمتها. فقلت: أمخلوق هذا؟ قال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه يقطع عنك ما يجري عليك، فقلت له: يقول الله تعالى