وقال جرير، عن مغيرة: قال الأحنف: ذهبت عيني من أربعين سنة، ما شكوتها إلى أحد.
ويروى أنه وفد على معاوية، فقال: أنت الشاهر علينا سيفك يوم صفين والمخذل عن عائشة أم المؤمنين! فقال: لا تؤنبنا بما مضى منا، ولا ترد الأمور على أدبارها، فإن القلوب التي أبغضناك بها بين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها على عواتقنا، في كلام غيره، فقيل: إنه لما خرج قالت أخت معاوية: من هذا الذي يتهدد؟ قال: هذا الذي إن غضب غضب لغضبه مائة ألف من تميم، لا يدرون فيم غضب.
وقال ابن عون، عن الحسن، قال: ذكروا عند معاوية شيئا، والأحنف ساكت: فقال معاوية: يا أبا بحر، ما لك لا تتكلم؟ قال: أخشى الله إن كذبت، وأخشاكم إن صدقت.
وعن الأحنف قال: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين، كيف يتكبر.
وقال سليمان التيمي: قال الأحنف: ما أتيت باب هؤلاء إلا أن أدعى، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما، ولا ذكرت أحدا بعد أن يقوم من عندي إلا بخير.
وعن الأحنف، قال: ما نازعني أحد فكان فوقي إلا عرفت له قدره، ولا كان دوني إلا رفعت قدري عنه، ولا كان مثلي إلا تفضلت عليه.
وقال ابن عون، عن الحسن، قال الأحنف: لست بحليم، ولكني أتحالم.
وبلغنا أن رجلا قال للأحنف: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، فقال له: لكنك لئن قلت عشرا لم تسمع واحدة.
وإن رجلا قال له: بم سدت قومك؟ قال: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك.
وعنه قال: ما ينبغي للأمير أن يغضب؛ لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة.
وقال الأصمعي: قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب، فما رأيت خصلة تذم إلا رأيتها فيه، كان ضئيلا، صغير