بصيرًا بالقراءات المشهورة والشواذ. تصدّر للإقراء ببلده مدةً، وقرأ عليه الشيخ زين الدّين عبد السلام الزّواوي، ورشيد الدّين أبو بكر بن أبي الدّر، والتّقيّ يعقوب بن بدران الجرائديّ.
وحدّث عنه الحافظ عبد العظيم، والكمال العبّاسيّ الضرير، والحافظ محبّ الدّين بن النجار، وإسحاق بن أسد، وجماعة من المحدّثين والقرأة، وحدّثنا عنه أبو محمد الحسن سبط زيادة.
ولد سنة خمسين وخمسمائة ظنًا. وأقرأ بمصر أيضً. وكان غير ثقة ولا صادقٍ مع جلالته وفضائله.
قرأت بخطّ عمر بن الحاجب، قال: كان لو رأى ما رأى قال: هذا سماعي، أو لي من هذا الشيخ إجازة. قال: وكان يقول: جمعت كتابًا في القراءات فيه أربعة آلاف رواية. ولم يكن أهل بلده يثنون عليه. وكان فاضلًا، مقرئًا، كيّس الأخلاق، مكرمًا لأهل العلم.
قلت: وكان قد قرأ القراءات السبع على أبي الطيّب عبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطيّ نزيل الإسكندرية سنة بضعٍ وسبعين، ومات سنة ستّ وثمانين. وكان قد أخذ القراءات عن والده ابن الخلوف وشريح. وأسند القراءات والتّيسير عنه في إجازته للزّواوي في سنة ستّ عشرة وستمائة. ولم يذكر له شيخًا سوى أبي الطّيب، وإنما ذكر وكثر في أواخر عمره، نسأل الله السلامة، ولو كان قرأ على أبي القاسم بن خلف الله صاحب ابن الفحّام لكان له إسنادٌ عالٍ كصاحبيه أبي الفضل الهمدانيّ، وجمال الدّين الصّفراويّ، وما جسر - مع وجودهما - أن يزعم أنه قرأ على شيخهما. لكنّي بأخرةٍ قرأت بخطّ ابن مسدي: سمع من عبد الرحمن بن خلف الله، وقرأ عليه بالروايات، وعلى ابن سعادة الدّاني. وابن سعادة - هذا - من أصحاب ابن هذيل وطبقته فأغرب عنه بـ التيسير عن عبد القدوس، عن أبي عمرو الدّاني. وكتب إليه مخبرًا أبو الفتوح، وأبو الحسن الأرتاحيّ، وأبو سعد السّمعانيّ. وقفت على أثباته ودستور إجازاته وما ذكرته فمن ذلك، إلى أن قال: وله كتاب الجامع الأكبر والبحر الأزخر في اختلاف القرّاء، يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق. ومن هذا الكتاب وقع الناس فيه، والله أعلم بما يخفيه. جمعت عليه