للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وافتقد السور من أوله إلى آخره، وكثرت الأمراض وغلت الأسعار. ثم جاء الخبر بوفاة السلطان سنجر، فقطعت خطبته.

وفيها غزا رستم بن علي بن شهريار الملك مازندران بلاد الألموت وأوطأ الإسماعيلية ذلًا، وخرب بلادهم، وسبى النساء والأولاد، وغنم، وخذل الإسماعيلية، وخربت عامة قراهم.

وفيها خرجت الإسماعيلية، على حجاج خراسان، فاقتتلوا وثبت الفريقان إلى أن قتل أمير الحاج، فذلوا وألقوا بأيديهم، وقتلتهم الإسماعيلية قتلًا ذريعًا، وعظم المصاب فـ إنا لله وإنا إليه راجعون. وصبحهم من الغد شيخ في المقتلة ينادي: يا مسلمين، يا حجاج، ذهب الملاحدة وأنا مسلم، فمن أراد الماء سقيته. فكان كل من كلمه أجهز عليه، فهلكوا أجمعين إلا القليل.

وأما خراسان فتخربت على يد الغز، ومات سلطانها سنجر، واختلف أمراؤه بعده، وغلب كل مقدم على ناحية واقتتلوا، وجرت أمور طويلة بخراسان، أجحفت بخراسان فالأمر لله. واشتد بخراسان القحط، وأكلت الجيف؛ قال ابن الأثير: فكان بنيسابور طباخ، فذبح إنسانًا علويًا وطبخه، ثم ظهر ذلك فقتل الطباخ.

وسافر الخليفة إلى أوانا ودجيل، ثم رجع. ثم راح يتصيد، ورجع بعد عشرة أيام.

وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدين وبين الفرنج على صفد، ونصر عليهم. ثم جاء إلى الخليفة رسوله برؤوس الفرنج وبتحف وهدايا.

وفيها، وفي سنة إحدى وخمسين، كان بالشام زلازل عظيمة هدمت في ثلاثة عشر بلدًا، منها خمسة للفرنج، وبدعت في شيزر، وحماة، والمعرة وحصن الأكراد، وطرابلس، وأنطاكية، وحلب. فأما حلب فهلك فيها تحت الردم خمسمائة نفس؛ وأما حماة فهلكت جميعها إلا اليسير، وأما شيزر فما سلم منها إلا امرأة وخادم، وهلك جميع من فيها وتسلمها نور الدين، فجدد عمارتها وحصنها. وهي على جبل منيع بقي في يدي بني منقذ نحو مائة وعشرين سنة أو أكثر. وأما كفرطاب فما سلم منها أحد؛ وأما فامية فهلكت

<<  <  ج: ص:  >  >>