للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حازمًا، وافر الحرمة، مشهورًا بالشّجاعة والإقدام، وفيه تواضع، وكرمٌ، وحياء. وقد ساق على فرس واحدٍ من دمشق إلى الإسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبعٍ وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال له الكامل بعد أن اعتنقه والتزمه: اطلع اركب، فقال:

وإذا المطي بنا بلغن محمّدًا فظهورهن على الرّكاب حرام فطرب الكامل وأعجبه.

وكان قد أعدّ الجواسيس والقصّاد، فإنّ الفرنج كانوا على كتفه، فلذلك كان يظلم، ويعسف، ويصادر. وأخرب القدس، لعجزه عن حفظه من الفرنج، وأدار الخمور، وكان يملك من العريش إلى حمص والكرك والشّوبك وإلى العلى.

وكان عديم الالتفات إلى ما يرغب فيه الملوك من الأبّهة والتّعظيم، وينهى نوابه عن مزاحمة الملوك في طلوع العلم على جبل عرفات. وكان يركب وحده مرارًا عديدة، ثمّ يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه. وكان مكرمًا لأصحابه كأنّه واحدٌ منهم، ويصلّي الجمعة في تربة عمّه صلاح الدّين ويمشي منها إلى تربة أبيه.

توفّي في سلخ ذي القعدة سنة أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله.

ونقلت من خطّ الضّياء قال: كان شجاعًا، فقيهًا، وكان يشرب المسكر ويجوّز شربه!، وكان ربّما أعطى العطاء الكثير لمن لا يشرب حتّى يشربه. وأسّس ظلمًا كثيرًا ببلاد الشام، وأمر بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحصون.

وقال ابن الأثير: كان عالمًا بعدّة علوم، فاضلًا فيها، منها الفقه، ومنها

<<  <  ج: ص:  >  >>