وكان يكره أن يقال له الأصم. فكان أبو بكر بن إسحاق الصبغي يقول فيه: المعقلي.
قال الحاكم: إنما ظهر به الصمم بعد انصرافه من الرحلة، فاستحكم فيه حتى بقي لا يسمع نهيق الحمار. وكان محدث عصره بلا مدافعة. حدث في الإسلام ستًا وسبعين سنة ولم يختلف في صدقه، وصحة سماعاته، وضبط والده يعقوب الوراق لها. أذّن سبعين سنة فيما بلغني في مسجده، وكان حسن الخلق، سخي النفس. وربما كان يحتاج فيورق ويأكل من أجرته. وكان يكره الأخذ على التحديث. وكان وراقه وابنه أبو سعيد يطالبان الناس ويعلم هو فيكره ذلك ولا يقدر على مخالفتهما.
سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد. سمع منه الحسن بن الحسين بن منصور كتاب الرسالة، ثم سمعها منه ابنه أبو الحسن، ثم ابنه عمر. وما رأيت الرحالة في بلد أكثر منهم إليه. رأيت جماعةً من الأندلس والقيروان، ومن أهل فارس وخوزستان على بابه. وسمعته يقول: ولدت سنة سبعٍ وأربعين ومائتين. ورأى محمد بن يحيى الذهلي؛ وسمع: أحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الأزهر، ففقد سماعه منهما عند رجوعه من مصر ورحل به أبوه سنة خمسٍ وستين على طريق أصبهان، فسمع بها: هارون بن سليمان، وأسيد بن عاصم. ولم يسمع بالأهواز، ولا بالبصرة.
وسمع بمكة من أحمد بن شيبان الرملي فقط. ودخل مصر فسمع: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الفقيه، وبكار بن قتيبة، والربيع بن سليمان، وبحر بن نصر، وإبراهيم بن منقذ. وسمع بعسقلان: أحمد بن الفضل الصائغ. وببيت المقدس من غير واحد؛ وببيروت: العباس بن الوليد سمع منه مسائل الأوزاعي. وبدمشق: ابن ملاس النميري، ويزيد بن عبد الصمد. وبحمص: محمد بن عوف. وبطرسوس: أبا أمية فأكثر. وبالرقة: محمد بن علي بن ميمون. وبالكوفة: الحسن بن علي بن عفان، وسعيد بن محمد الحجواني شيخ ثقة سمع ابن عيينة، ووكيعًا. وسمع المغازي وغيرها من أحمد بن عبد الجبار العطاردي؛ وبعض المسند من أحمد بن أبي غرزة الغفاري. ثم