وكنية المستكفي: أبو القاسم، من أم ولد. بويع وعمره إحدى وأربعون سنة. وكان مليحاً، ربعةً، معتدل الجسم، أبيض بحمرة، خفيف العارضين.
وعاش المتقي لله بعد خلعه خمساً وعشرين سنة.
وفيها استولى أحمد بن بويه على الأهواز، والبصرة، وواسط، فخرج إليه توزون فالتقيا، ودام الحرب بينهما أشهراً، وهي كلها على توزون، والصرع يعتريه. فقطع الجسر الذي بينه وبين أحمد بن بويه عند ديالى، وضاق بابن بويه الحال وقلت الأقوات، فرجع إلى الأهواز. وصُرع توزون يومئذٍ، وعاد إلى بغداد مشغولاً بنفسه.
وفي صفر استوزر المستكفي أبا الفرج محمد بن علي السامري، ثم عزله توزون بعد أربعين يوماً، وصادره وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار. ثم استوزر أبا جعفر بن شيرزاد بإشارة توزون.
وفيها سار سيف الدولة بن حمدان إلى حلب فملكها، وهرب أميرها يانس المؤنسي إلى مصر، فجهز الإخشيد جيشاً إلى سيف الدولة، فالتقوا على الرستن، فهزمهم سيف الدولة وأسر منهم ألف رجل، وفتح الرستن. ثم سار إلى دمشق فملكها. فجاء الإخشيد ونزل طبرية، فتسلل أكثر أصحاب سيف الدولة إلى الإخشيد، فخرج سيف الدولة إلى حلب وجمع القبائل وحشد. وسار إليه الإخشيد، فالتقوا على قنسرين، فهزمه الإخشيد، فهرب إلى الرقة، ودخل الإخشيد حلب.
وفيها عظم الغلاء ببغداد حتى هرب الناس وبقي النساء. فكن المخدرات يخرجن عشرين عشرين من بيوتهن، ممسكات بعضهن بعضاً، يصحن: الجوع الجوع. وتسقط الواحدة منهن بعد الأخرى ميتة من الجوع. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكان أبو عبد الله البريدي قد استولى على الأهواز والبصرة. ووزر للمتقي كما ذكرنا. وكان قد قتل أخاه لكونه يذكر عيوبه، فلم يُمتَّع بعده، وأخذته الحمى أسبوعاً، فهلك في اليوم الثامن من شوال. وقام أخوه أبو الحسين البريدي مقامه. وكان يانس مقدم جيوشه يبغض أبا الحسين. ثم إن أبا الحسين أساء العشرة على الترك والديلم، وحط من أقدارهم، فشكوه إلى يانس، فقال