الله - لا يكاد يسمع بشيء لا يجوز قد عمل إلا اجتهد في تغييره، وإن كان بعض الملوك قد فعله، كتب إليه؛ حتى سمعنا عن بعض ملوك الشام قال: هذا الشيخ شريكي في ملكي، أو كما قال. وكان له هيبة حتى إن كان أحدنا ليشتهي أن يسأله عن شيء فما يجسر أن يسأله، وإذا دخل المسجد، سكتوا وخفضوا أصواتهم، وإذا عبر في طريق والصبيان يلعبون هربوا، وإذا أمر بشيء لا يجسر أحد أن يخالفه. وسمعت خالي موفق الدين بعد موته يقول: كان أخي يكفينا أشياء كثيرة ما نقوى لما يفعل. وكان الله قد وضع للشيخ المحبة في قلوب الخلق. وكان ليس بالطويل ولا بالقصير، أزرق العينين وليس بالكثير، يميل إلى الشقرة، عالي الجبهة، حسن الثغر، صبيح الوجه، كث اللحية، نحيف الجسم، أول زوجاته عمتي فاطمة، وكانت أسن منه كبرت وأقعدت وماتت قبله بأعوام، وولدت له عمر، وخديجة، وآمنة، وأولاداً غيرهم ماتوا صغاراً. وتزوج عليها طاووس، امرأة من بيت المقدس، وولدت ابنتين، فماتت هي وبناتها في حياته. ثم تزوج فاطمة الدمشقية فولدت له عبد الله، وزينب، وماتت قبل أم عمر. ثم تزوج آمنة بنت أبي موسى فولدت له جماعة كبر منهم أحمد، وعبد الرحمن، وعائشة، وحبيبة، وخديجة الصغرى.
ومن شعره:
ألم يك منهاة عن الزهو أنني بدا لي شيب الرأس والضعف والألم ألم بي الخطب الذي لو بكيته حياتي حتى ينفذ الدمع لم ألم وله مرثية في ابنه عمر. وله هذه الأرجوزة، وهي طويلة فمنها:
إني أقول فاسمعوا بياني يا معشر الأصحاب والإخوان أوصيكم بالعدل والإحسان والبر والتقوى مع الإيمان فاستمسكوا بطاعة الرحمن واجتنبوا الرجس من الأوثان سمعت آسية بنت محمد بن خلف تقول: لما كان اليوم الذي توفي فيه سيدي؛ وصانا فيه، واستقبل القبلة وقال: اقرؤوا ياسين، وكان يقول:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} اللهم ثبتكم على الكتاب والسنة.
وسمعت أهلنا يقولون: إن الماء الذي كان يخرج من تغسيله من السدر