للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتضد أن يوليه ما وراء النهر، فولاه فعزم عمرو على محاربته، فكتب إليه إسماعيل: إنك قد وليت الدنيا، وإنما في يدي ثغر، فاقنع بما في يدك ودعني. فأبى، فقيل له: بين يديك جيحون كيف تعبره؟ فقال: لو شئت أن أسكره ببدر الأموال لفعلت حتى أعبره. فقال إسماعيل: أنا أعبر إليه. فجمع الدهاقين وغيرهم، وجاوز النهر. فجاء عمرو فنزل بلخ فأخذ إسماعيل عليه الطرق، فصار كالمحاصر. وندم عمرو، وطلب المحاجزة، فلم يجبه، واقتتلوا يسيراً، فانهزم عمرو، فتبعوه، فتوحلت دابته، فأخذ أسيراً.

وبلغ المعتضد، فخلع على إسماعيل خلع السلطنة وقال: يقلد أبو إبراهيم كل ما كان في يد عمرو بن الليث.

ثم بعث يطلب من إسماعيل عمرا، ويعزم عليه. فما رأى بداً من تسليمه، فبعث به إلى المعتضد فدخل بغداد على جمل ليشهروه، فقال الحسين بن محمد بن الجهم:

ألم تر هذا الدهر كيف صروفه يكون يسيراً مرة وعسيرا وحسبك بالصفار نبلاً وعزة يروح ويغدو في الجيوش أميرا حباهم بأجمال، ولم يدر أنه على جمل منها يقاد أسيرا

ثم حبسه المعتضد في مطمورة، فكان يقول: لو أردت أن أعمل على جيحون جسراً من ذهب لفعلت، وكان مطبخي يحمل على ست مائة جمل، وأركب في مائة ألف، أصارني الدهر إلى القيد والذل!

فقيل: إنه خنق عند موت المعتضد، وقيل: قبل موته بيسير. وقيل: إن إسماعيل خيره بين أن يقعد عنده معتقلاً، وبين توجيهه إلى المعتضد، فاختار توجيهه إلى المعتضد، فأدخل بغداد في سنة ثمان وثمانين على جمل له سنامان، وعلى الجمل الديباج والحلي، وطيف به في شوارع بغداد. فأدخل على المعتضد، فقال له: يا عمرو هذا ببغيك، ثم سجنه.

وبعث المعتضد إلى إسماعيل ببدنة من لؤلؤ، وتاج مرصع، وسيف، وعشرة آلاف ألف درهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>