وفيها سار المختار بن أبي عبيد الثقفي في رمضان من مكة، ومعه إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله أميرا من قبل ابن الزبير على خراج الكوفة، فقدم المختار الكوفة والشيعة قد اجتمعت على سليمان بن صرد، فليس يعدلون به، فجعل المختار يدعوهم إلى نفسه وإلى الطلب بدم الحسين، فتقول الشيعة: هذا سليمان شيخنا، فأخذ يقول لهم: إني قد جئتكم من قبل المهدي محمد ابن الحنفية، فصار معه طائفة من الشيعة، ثم قدم على الكوفة عبد الله بن يزيد الخطمي من قبل ابن الزبير، فنبهوه على أمر الشيعة، وأن نيتهم أن يتوثبوا، فخطب الناس، وسب قتلة الحسين، ثم قال: ليبشر هؤلاء القوم وليخرجوا ظاهرين إلى قاتل الحسين عبيد الله بن زياد، فقد أقبل إليهم، وأنا لهم على قتاله ظهير، فقتاله أولى بكم، فقام إبراهيم بن محمد بن طلحة فنقم عليه هذه المقالة وعابها، فقام إليه المسيب بن نجبة فسبه، وشرعوا يتجهزون للخروج إلى ملتقى عبيد الله بن زياد.
وقد كان سليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجبة الفزاري؛ وهما من شيعة علي ومن كبار أصحابه، خرجا في ربيع الآخر يطلبون بدم الحسين بظاهر الكوفة في أربعة آلاف، ونادوا: يا لثارات الحسين، وتعبدوا بذلك، ولكن ثبط المختار جماعة وقال: إن سليمان لا يصنع شيئا، إنما يلقي بالناس إلى التهلكة، ولا خبرة له بالحرب، وقام سليمان في أصحابه فحض على الجهاد، وقال: من أراد الدنيا فلا يصحبنا، ومن أراد وجه الله والثواب في الآخرة فذلك منا، وقام صخر بن حذيفة المزني فقال: آتاك الله الرشد، أيها الناس، إنما أخرجتنا التوبة من ذنبنا والطلب بدم ابن بنت نبينا، ليس معنا دينار ولا درهم، إنما نقدم على حد السيوف. وقام عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي في قومه، فدخل على سليمان بن صرد، فقال: إنما خرجنا نطلب بدم الحسين، وقتلته كلهم بالكوفة؛ عمر بن سعد، وأشراف القبائل، فقالوا: لقد جاء برأي، وما نلقى إن سرنا إلى الشام إلا عبيد الله بن زياد، فقال سليمان: أنا أرى أنه هو الذي قتله، وعبأ الجنود وقال: لا أمان له عندي دون أن يستسلم فأمضي فيه حكمي، فسيروا إليه، وكان عمر