للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي لا يغضب، ولا يقذع في القول، ولا يجبن، ولا يبخل، ولا يضرب مملوكا أبدا، ولا يرد سائلا، ولا عصى الله بقول ولا فعل، وهذه همة الملوك، وأخلاق الصديقين. وحسبك أنه حج أربعين حجة، وزار النبي عشر مرات، ورآه في النوم خمس مرات، وأخبره بأمور لم يخرم منها شيء. فقلت لأخي: من القائل:

إذا طرقتك أحداث الليالي … ولم يوجد لعلتها طبيب

وأعوز من يجيرك من سطاها … فزيدان يجيرك والمثيب

هما ردا علي شتيت ملكي … ووجه الدهر من رغم قطوب

وقاما عند خذلاني بنصري … قياما تستكين له الخطوب

فقال: هو السلطان علي بن حبابة، كان قومه قد أخرجوه من ملكه، وأفقروه من ملكه، وولوا عليهم أخاه سلامة، فنزل بهما، فسارا معه في جموع من قومهما حتى عزلا سلامة وردا عليا وأصلحا له قومه، وكان الذي وصل إليه من برهما وأنفقاه على الجيش في نصرته ما ينيف على خمسين ألفا.

حدثني أبي قال: مرض عمك علي بن زيدان مرضا أشرف منه على الموت ثم أبل منه، فأنشدته لرجل من بني الحارث يدعى سالم بن شافع، كان وفد عليه يستعينه في دية قتيل لزمته، فلما شغلنا بمرضه رجع الحارثي إلى قومه:

إذا أودى ابن زيدان علي … فلا طلعت نجومك يا سماء

ولا اشتمل النساء على جنين … ولا روى الثرى للسحب ماء

على الدنيا وساكنها جميعا … إذا أودى أبو الحسن العفاء

قال: فبكى عمك وأمرني بإحضار الحارثي، ودفع إليه ألف دينار، وبعد ستة أشهر ساق عنه الدية.

وحدثني خالي محمد بن المثيب قال: أجدب الناس سنة، ففرق علي بن زيدان على المقلين أربعمائة بقرة لبون، ومائتي ناقة لبون.

وأذكر وأنا طفل أن معلمي عطية بن محمد بعثني إلى عمي بكتابة كتبها في لوحي. فضمني إليه وأجلسني في حجره، وقال: كم يعطى الأديب؟ قلت: بقرة لبونا، فضحك، ثم أمر له بمائة بقرة لبون معها أولادها، ووهب له غلة