إلا وأزاله، وكان يصلي بالناس الصلوات، ويقرأ كل يوم سبعًا، ويلبس الصوف، ويصوم الاثنين والخميس، ويقسم الفيء على الوجه الشرعي، فأحبه الناس.
وقال عزيز في كتاب الجمع والبيان: كان يأخذ الحق إذا وجب على ولده، ولم يدع مشركًا في بلاده؛ لا يهوديًا ولا نصرانياً، ولا كنيسةً في بقعة من بلاده ولا بيعة، لأنه من أول ولايته كان إذا ملك بلدًا إسلاميًا لم يترك فيه ذميًا إلا عرض عليه الإسلام، ومن أبى قتل، فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم.
قال عبد الواحد بن علي: ووزر لعبد المؤمن أولًا عمر أرتاج، ثم أجله عن الوزارة ورفعه عنها، واستوزر أبا جعفر أحمد بن عطية الكاتب، وجمع له بين الكتابة والوزارة، فلما افتتح بجاية استكتب من أهلها أبا القاسم القالمي. ودامت وزارة ابن عطية إلى أن قتله في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأخذ أمواله، ثم استوزر بعده عبد السلام الكومي، ثم قتله سنة سبع وخمسين، واستوزر ابنه عمر. وكان قاضيه أبو محمد عبد الله بن جبل الوهراني، ثم عبد الله بن عبد الرحمن المالقي، فلم يزل قاضيًا له وصدرًا من أيام ابنه يوسف بن عبد المؤمن.
قال: ولما دان له أقطار المغرب مما كان يملكه المرابطون قبله، سار من مراكش إلى بجاية، فحاصر صاحبها يحيى الصنهاجي، فهرب يحيى في البحر حتى أتى مدينة بونة وهي أول حد إفريقية، ومضى منها إلى قسنطينة المغرب، فأرسل عبد المؤمن وراءه جيشًا، فأخذوه بالأمان، وأتوا به عبد المؤمن. وتملك عبد المؤمن بجاية وأعمالها، وكان يحيى بن العزيز، وأبوه، وجده المنصور، وجد أبيه المنتصر، وجدهم حماد من شيعة الرافضة بني عبيد، والقائمين بدعوتهم، وطالت أيامهم حتى أخرجهم عبد المؤمن. واستعمل عبد المؤمن على مملكة بجاية ابنه عبد الله، ورجع إلى مراكش ومعه يحيى بن العزيز وجماعة من أمراء دولة يحيى، فأمر لهم بخلع، وبوأهم المنازل، وخص يحيى بأموال وعطايا، ونال يحيى عنده مرتبة لا مزيد عليها.