وقال ابن خلكان: أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين أبو علي بن مُقلة، وخطه عظيم، لكن ابن البواب هذب طريقة ابن مُقلة ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة، وشيخه في الكتابة أبو عبد الله محمد بن أسد المذكور في سنة عشر وأربعمائة.
وكان ابن البواب يذهب إذهابا فائقا، وكان في أول أمره مزوقا يصور الدور فيما قيل. ثم أُذهب الكُتب. ثم تعانى الكتابة ففاق فيها على الأولين والآخرين، ونادم فخر المُلك أبا غالب، وقيل: إنه وعظ بجامع المنصور.
ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي له بعد موته؛ لأنه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى بعض الأعيان يسأله فيها مساعدة صديق له بشيء لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطرا. وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر دينارا إمامية.
ولابن البواب شعر وترسل يدل على فضله وأدبه وبلاغته، وقيل: إن بعضهم هجاه بقوله:
هذا وأنت ابن بواب وذو عدم فكيف لو كنت رب الدارِ والمالِ وقال أبو علي الحسن بن أحمد ابن البناء: حكى لي أبو طاهر ابن الغباري أن أبا الحسن ابن البواب أخبره أن ابن سهلان استدعاه، فأبى المُضي إليه، وتكرر ذلك. قال: فمضيتُ إلى أبي الحسن ابن القزويني وقلتُ: ما ينطقه الله به أفعله. قال: فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحسن اصدق والق من شئت. قال: فعدتُ في الحال، وإذا على بابي رسل الوزير. قال: فمضيت معهم فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحسن، ما أخرك عنا؟ فاعتذرت إليه. ثم قال: قد رأيت مناما. فقلتُ: مذهبي تعبير المنامات من القرآن. فقال: رضيت. ثم قال: رأيت كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري. قال: وعنده فرح بذلك، كيف يجتمع له الملك والوزارة. قلت: قال الله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلا لا وَزَرَ} وكررت عليه هذه ثلاثا. قال: فدخل حُجرة النساء، وذهبت. فلما كان بعد