للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدين من الأديان، نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا بكرمه.

أنبأتنا فاطمة بنت علي، قالت: أخبرنا فرقد بن ظافر، قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلفة، قال: من عجيب رأي أبي العلاء تركه تناول كلّ مأكول لا تنبته الأرض شفقةً بزعمه على الحيوانات، حتى نسب إلى التَّبرهم، وأنّه يرى رأي البراهمة في إثبات الصّانع، وإنكار الرُّسل، وتحريم الحيوانات وإيذائها، حتى الحيّات والعقارب، وفي شعره ما يدلّ على غير هذا المذهب، وإن كان لا يستقرّ به قرار ولا يبقى على قانون واحد، بل يجري مع القافية إذا حصلت كما تجيء، لا كما يجب. فأنشدني أبو المكارم الأسديّ رئيس أبهر قال: أنشدنا أبو العلاء لنفسه:

أقرُّوا بالإله وأثبتوه وقالوا: لا نبيَّ ولا كتابُ ووطءُ بناتنا حلٌّ مُباحٌ رويدكمُ فقد بطل العتابُ تمادوا في الضّلال فلم يتوبوا ولو سمعوا صليلَ السّيفِ تابوا

وبه قال: وأنشدني أبو تمام غالب بن عيسى الأنصاريّ بمكّة قال: أنشدنا أبو العلاء المعرّي لنفسه:

أتتني من الأيام ستُّون حجَّةً وما أمسكت كفّيَ بثني عنانِ ولا كان لي دارٌ ولا ربعُ منزل وما مسّني من ذاك روعُ جنانِ تذكَّرتُ أنّي هالكٌ وابنُ هالك فهانت عليَّ الأرضُ والثقلانِ

إلى أن قال السِّلفيّ: وممّا يدلّ على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النُّميريّ بالسِّمسمانيّة - مدينة بالخابور - قال: سمعت القاضي أبا المهذّب عبد المنعم بن أحمد السَّروجيّ يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على أبي العلاء التَّنوخيّ بالمعرَّة ذات يوم في وقت خلوة بغير علم منه، وكنت أتردَّدُ إليه وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد من قيله:

كم غودرت غادةٌ كعاب وعمرت أمها العجوزُ أحرزها الوالدان خوفا والقبر حرز لها حريز يجوز أن تبطئ المنايا والخلد في الدهر لا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>