بنواحي باذرايا ليتخذها عونا له على الإغارة، فسارت لقتاله العساكر، فالتقوا، فطحن الميمنة، ثم حمي القتال وظفروا به، وجيء برأسه إلى بغداد.
وفيها وقع برد بالسواد هدم الدور، وقتل جماعة وكثيرا من المواشي؛ وقال ابن الجوزي: فحدثني الثقة أنهم وزنوا بردة فكانت سبعة أرطال. قال: وكان عامته كالنارنج.
وفي رمضان زادت دجلة زيادة عظيمة على كل زيادة تقدمت منذ بنيت بغداد بذراع وكسر، وخرج الناس إلى الصحراء، وأيسوا من البلد، وضجوا إلى الله بالبكاء، وانهدمت دور كثيرة بمرة، وكان آية من الآيات، وهلكت قرى ومزارع لا تحصى، ونصب يوم الجمعة منبر خارج السور، وصلى الخطيب بالناس هناك.
وفي الجمعة الأخرى جمعوا بمسجد التوثة، ودام الغرق أياما، وكثر الابتهال إلى الله، وبقي الخلق والأمراء كلما سدوا بثقا وتعبوا عليه غلبهم الماء وخربه، أو انفتح آخر غيره.
وجاءت أمطار هائلة بالموصل، ودامت أربعة أشهر حتى تهدم بها نحو ألفي دار، وهلك خلق تحت الردم، وزادت الفرات زيادة كبيرة، وفاضت حتى أهلكت قرى ومزارع. ومن العجائب أن هذا الماء على هذه الصفة، ودجيل قد هلكت مزارعه بالعطش.
وتوفي السلطان نور الدين فتجدد بحلب بعد موته اختلاف بين السنة والرافضة، فقتل من الطائفتين خلق، ونهب ظاهر البلد.
وكان مما قدم به ابن الشهرزوري من البشارة فتح اليمن، وكسر الفرنج مرة ثانية، ومقدمهم الدوقش، وكان أسيرا عند نور الدين، أسره نوبة حارم، ففداه بخمسة وخمسين ألف دينار وخمسمائة ثوب أطلس، وفي كتابه يقول: ولم ينج من عشرة آلاف غير عشرة حمر مستنفرة، فرت من قسورة.
وذكر ابن الأثير أن صلاح الدين لما استولى على مصر وأراد أن