للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن لا ندخل مكانا يكون فيه.

قال المحدث أبو الميمون عبد الوهاب بن وردان، فيما حكى عن والده أبي الفضل، قال: حدثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهري الواعظ قال: كنت أتردد إلى الخلعي، فقمت في ليلة مقمرة ظننت أن الفجر قد طلع، فلما جئت باب مسجده وجدت فرساً حسنة على بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءاً، ثم قال للشيخ: آجرك الله. فقال له: نفعك الله. ثم نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلما استوى على الفرس طارت به، فغشي علي من الرعب، والقاضي يصيح بي: اصعد يا أبا الفضل. فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجن الذين آمنوا بنصيبين، وإنه يأتي في الأسبوع مرة يقرأ جزءاً ويمضي.

قال ابن الأنماطي: قبر الخلعي بالقرافة، يعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويعرف بإجابة الدعاء عنده.

وسألت شجاعاً المدلجي وغيره من شيوخنا عن الخلعي، نسبة إلى أي شيء؟ فما أخبرني أحد بشيء. وسألت السديد الربعي، وكان عارفا بأخبار المصريين وكان معدلاً، فقال: كان أبوه بزازا، وكانت أمراء المصريين وأهل القصر يشترون الخلع من عنده، وكان يتصدق بثلث مكسبه.

وذكر ابن رفاعة أنه سمع من الحبال، وأنه أتى إلى الخلعي، فطرده مدة. وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد.

وقال أبو الحسن علي بن أحمد العابد: سمعت الشيخ ابن بخيساه، قال: كنا ندخل على القاضي أبي الحسن الخلعي في مجلسه، فنجده في الشتاء والصيف وعليه قميص واحد ووجهه في غاية من الحسن لا يتغير من البرد ولا من الحر، فسألته عن ذلك، وقلت: يا سيدنا، إنا لنكثر من الثياب في هذه الأيام، وما يغني ذلك عنا من شدة البرد، ونراك على حالة واحدة في الشتاء والصيف لا تزيد على قميص واحد، فبالله يا سيدي أخبرني. فتغير وجهه ودمعت عيناه، ثم قال: أتكتم علي ما أقول؟ قلت: نعم. فقال: غشيتني حمى يوماً، فنمت في تلك الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعي الله. فقال: لا. قل: لبيك ربي الله، ما تجد من الألم؟ فقلت: إلهي

<<  <  ج: ص:  >  >>