لابن الفحّام وبما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه. وبهذا السند قرأت عليه مفرداته العشر، وقرأت عليه كتاب تلخيص العبارات لابن بلّيمة، وتلوت عليه بما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه، وتلوت عليه بكتاب العنوان، حدّثني به عن الحسن بن خلف، عن مؤلّفه، وعن ابن مؤلّفه، عن أبيه. قال ابن عيسى: وتلوت عليه وعلى غيره من المقرئين بكتبٍ كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتاب التّبيين في ذكر من قرأ عليه ابن عيسى من المقرئين. ومن هذه الكتب والكتب التي بقيت ولم نذكرها التي تلوت بها على بقية شيوخي هي التي خرّجت منها سبعة آلاف رواية التي تلوت بها.
قال أبو حيّان: ومقاتل بن عبد العزيز هذا الذي ذكره أنه روى عن ابن الفحّام، وابن بلّيمة لا نعلمه إلاّ من جهة ابن عيسى فينبغي أن يبحث عن مقاتل أكان موجودًا؟ وليس ذلك؛ لأن يصحّ إسناد ابن عيسى عنه، فإنّ إسنادًا فيه ابن عيسى لن يصحّ أبدًا.
قلت: أقطع بأنّ رجلًا اسمه مقاتل منعوتٌ بأخذ القراءات عن الأربعة المذكورين والحالة هذه لم يوجد أبدًا ولا خلق قطّ. وقد طال الخطاب في كشف حال الرّجل. وبدون ما ذكرنا يترك الشخص، أما خاف من الله إذ زعم أنه صنّف كتابًا فيه سبعة آلاف رواية؟ فوالله إنّ القرّاء كلهم من الصّحابة إلى زمانه - أعني الذين سمّوا من أهل الأداء في المشارق والمغارب ودوّنوا في التّواريخ - لا يبلغون سبعة آلاف بل ولا أربعة آلاف وأنا متردّدٌ في الثلاثة آلاف هل يصلون إليها أم لا؟ هذا أبو القاسم الهذليّ الذي لم يرحل أحدٌ في القراءات ولا في الحديث مثله، وله مائة شيخ قرأ عليهم القرآن، جمع في كتابه الغثّ والسّمين، والمشهور والشاذّ، والعالي والنازل، وما تحلّ القراءة به وما لا تحل، وأربى على المتقدمين والمتأخرين - لم يمكنه أن يأتي في كتابه بأكثر من خمسين رواية من ألف طريق، وقد يكون الطريق مثل أن يروي مسلم الحديث عن قتيبة، عن الليث، وعن عبد الملك بن شعيب بن اللّيث، عن أبيه، عن الليث، فيسمّي ذلك طريقين.