معجبًا به. ولما استخلف المستنجد دخل عليه فقال له: يكفي في إخلاصي أني ما حابيتك في زمن أبيك. فقال: صدقت. قال: وقال مرجان الخادم: سمعت المستنجد بالله ينشد وزيره وقد مثل بين يديه في أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدين وإصلاح أمور المسلمين، فأعجب المستنجد به، فأنشده لنفسه:
ضفت نعمتان خصتاك وعمتا فذكرهما حتى القيامة يذكر وجودك والدنيا إليك فقيرة وجودك والمعروف في الناس ينكر فلو رام يا يحيى مكانك جعفر ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا الـ مظفر إلا كنت أنت المظفر
قال ابن الجوزي: وكان مبالغا في تحصيل التعظيم للدولة، قامعًا للمخالفين بأنواع الحيل. حسم أمور السلاطين السلجوقية، وكان شحنةٌ قد آذاه في صباه؛ فلما وزر أحضره وأكرمه. وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم. وقال: نزلت يومًا إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به. وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، وكان يبذل لهم الأموال. فكانت السنة تدور وعليه ديون؛ وقال: ما وجبت علي زكاة قط. وكان إذا استفاد شيئًا قال: أفادنيه فلان. أفدته معنى حديث، فكان يقول: أفادنيه ابن الجوزي. فكنت أستحيي من الجماعة. وجعل لي مجلسًا في داره كل جمعة، ويأذن للعوام في الحضور. وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيرًا، فأعجبه وقال لزوجته: أريد أزوجه بابنتي. فغضبت الأم من ذلك. وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر، فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها الجميع وأصر، فقال الوزير: أحمار أنت؟ أما ترى الكل يخالفونك؟! فلما كان في اليوم الثاني قال للجماعة: إنه جرى مني بالأمس على هذا الرجل ما لا يليق، فليقل لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم. فضج المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه وقال هو: أنا أولى بالاعتذار. وجعل يقول: القصاص القصاص، فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي: إذ أبى القصاص فالفداء، فقال الوزير: له حكمه. فقال الفقيه: نعمك علي كثيرة، فأي حكم بقي لي؟ قال: لا بد. قال: علي دين مائة