فرأيته استوى واجتمع، وقال: هذا شر من قول الجهمية. من زعم هذا فقد زعم أن جبريل تكلم بمخلوق، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي: سمعت أبا طالب أحمد بن حميد قال: قلت لأحمد بن حنبل: قد جاءت جهمية رابعة، فقال: وما هي؟ قلت: قال إنسان: من زعم أن في صدره القرآن، فقد زعم أن في صدره من الإلهية شيء، فقال: من قال هذا فقد قال مثل قول النصارى في عيسى أن كلمة الله فيه. ما سمعت بمثل هذا قط. قلت: أهذه الجهمية؟ قال: أكبر من الجهمية، ثم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ينزع القرآن من صدوركم. .
قلت: الملفوظ كلام الله، وهو غير مخلوق، والتلفظ مخلوق لأن التلفظ من كسب القارئ، وهو الحركة، والصوت، وإخراج الحروف، فإن ذلك مما أحدثه القارئ، ولم يحدث حروف القرآن ولا معانيه، وإنما أحدث نطقه به. فاللفظ قدر مشترك بين هذا وهذا، ولذلك لم يجوز الإمام أحمد: لفظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، إذ كل واحد من الإطلاقين موهم. والله أعلم.
وقال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر، وزكريا بن يحيى، أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبد الله: جاءني كتاب من طرسوس أن سريا السقطي قال: لما خلق الله الحروف سجدت إلا الألف فإنه قال: لا أسجد حتى أومر. فقال: هذا كفر. فرحم الله الإمام أحمد ما عنده في الدين محاباة.
قال الخلال: أخبرنا محمد بن هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: حضرت رجلا يسأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله إجماع المسلمين على الإيمان بالقدر خيره وشره؟ قال أبو عبد الله: نعم، قال: ولا نكفر أحدا بذنب؟ فقال أبو عبد الله: اسكت، من ترك الصلاة فقد كفر، ومن قال: القرآن مخلوق فهو كافر.