عليَّ وإلاّ ما بكاء الغمائم؟ وفيَّ وإلاّ ما نياح الحمائم؟ وعنّي أثار الرَّعد صرخة طالب لثأرٍ وهزَّ البرق صفحة صارم وما لبست زهر النُّجوم حدادها لغيري ولا قامت له في مأتم ومنها:
أبى الله أن تلقاه إلاّ مقلَّدًا حميلة سيفٍ أو حمالة غارم وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقة؛ حتّى أنّه مدح رجلًا مرّةً، فأعطاه مخلاة شعير لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا. ثمّ آل بابن عمّار الأمر إلى أن نفق على المعتمد، ووّلاه مدينة شلب، فملأ لصاحب الشّعير مخلاةً دراهم، وقال للرسول: قل له: لو ملأتها برا لملأناها تبرًا.
ولمّا استولى على مرسية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مرسية فهرب ولجأ إلى بني هود بسرقسطة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّورة فأحسن متولّيه نزله، ثمّ بعد أيّام قيَّده، ثمّ أحضر إلى قرطبة مقيِّدًا على بغلٍ بين عدلي تبنٍ ليراه النّاس. وقد كان قبل هذا إذا دخل قرطبة اهتزّت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسّل بها إلى الزّمان لنزع عن جوره، أو إلى الفلك لكفّ عن دوره، فكانت رقىً لم تنجع، وتمائم لم تنفع، منها:
سجاياك - إن عافيت - أندى وأسجح وعذرك - إن عاقبت - أجلى وأوضح وإن كان بين الخطَّتين مزيَّة فأنت إلى الأدنى من الله تجنح حنانيك في أخذي برأيك، لا تطع عداي، ولو أثنوا عليك وأفصحوا أقلني بما بيني وبينك من رضى له نحو روح الله باب مفتَّح ولا تلتفت قول الوشاة ورأيهم فكل إناءٍ بالّذي فيه يرشح
٢٢٠ - محمد بن محمد بن أصبغ، أبو عبد الله الأزديّ القرطبيّ، خطيب قرطبة.
جوَّد القرآن على مكّيّ بن أبي طالب، وأخذ عن حاتم بن محمد، ومحمد بن عتّاب، وجماعة.