رباطًا. ثم ولاّه السلطان نور الدين قضاء دمشق، ونظر الأوقاف ونظر أموال السلطان وغير ذلك. فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب، وابن أخيه أبا القاسم بحماة، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص. وحدّث بالشام وبغداد.
قال القاسم بن عساكر: ولي قضاء دمشق سنة خمس وخمسين، وكان يتكلم في الأصول كلامًا حسنًا، وكان أديبًا، شاعرًا، ظريفًا، فكه المجلس، وقف وقوفًا كثيرة، وكان خبيرًا بالسياسة وتدبير الملك. وقد أخبرنا بحضرة أبي قال: أخبرنا ابن خميس فذكر حديثًا.
وقال ابن خلّكان: ولي قضاء دمشق، وترقّى إلى درجة الوزارة، وحكم في البلاد الشاميّة، واستناب ولده محيي الدين في الحكم بحلب. وتمكّن في الأيّام النوريّة تمكّنًا بالغًا. فلما تملّك السلطان صلاح الدين أقرّه على ما كان عليه. وله أوقاف كثيرة بالموصل، ونصّيبين، ودمشق. عظمت رياسته، ونال ما لم ينله أحد من التقدّم.
وقال سبط ابن الجوزي: قدم صلاح الدين سنة سبعين فأخذ دمشق. قال: وكان عسكر دمشق لما رأوا فعل العوام والتقاءهم له، ونثره عليهم الدراهم والذهب، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب، وانكفأ العسكر إلى القلعة، ونزل هو بدار العقيقي، وكانت لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أيامًا. ومشى صلاح الدين إلى دار القاضي كمال الدين، فانزعج وخرج لتلقيه، فدخل وجلس وباسطه وقال: طب نفسًا، وقرّ عينًا، فالأمر أمرك، والبلد بلدك. فكان مشي صلاح الدين إليه من أحسن ما ورّخ، وهو دليل على تواضعه، وعلى جلالة كمال الدين.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو الفضل رئيس أهل بيته، بنى مدرسةً بالموصل، ومدرسة بنصيبين. وولاه نور الدين القضاء، ثم استوزره، ورد بغداد رسولًا، فذكر أنه كتب قصةً إلى المقتفي، وكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول، فكتب المقتفي: صلّى الله عليه وسلّم.