للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه شخصٌ فضربه بسكينٍ في عضده، فأحضر مزينا وقمطها بلفائف وسلم. وكتب إلى مظفر الدين صاحب إربل:

يا أيُّها المَلِكُ الّذِي سَطَواتُه … مِنْ فَعْلها يَتَعَجَّبُ المِرِّيخُ

آياتُ جُودِكَ محكمٌ تَنْزيلُها … لا ناسخٌ فيها ولا مَنْسوخُ

أشْكُو إلَيْكَ وما بُليتُ بِمثْلِها … شَنْعَاءَ ذِكْرُ حَديُثها تاريخُ

هِيَ ليلةٌ فيها وُلِدْتُ وشاهدي … فيما ادَّعَيْتُ القِمْطُ والتمريخُ

خرجت من إربل سنة ستٍ وعشرين وشرف الدّين فِي رتبةٍ دون الوزارة، ثمّ وليها فِي أول سنة تسعٍ وعشرين. فلمّا صارت إربل للخليفة، لَزِمَ بيته. ولما أُخِذَت إربل سَلِمَ هُوَ بالقلعَة، ثمّ سَكَن المَوْصِل، وأقامَ بها فِي حُرمة وافرةٍ، واقتنى من الكتب النفيسة شيئًا كثيرًا. ومات فِي خامس المحرَّم.

قلت: ومن شعره وهو عذبٌ رائقٌ:

ومُخَنَّثِ الأعْطافِ ميَّاسِ الخُطا … حُلوِ الصبا مُتناسبِ التركيبِ

عاتَبتُه فتوردت وجناته … مِنْ حَرِّ أنفاسي ونار لَهيب

وشكَوتُ ما ألْقَى فأعرضَ مُغْضبًا … فَرَجعْتُ عنهُ بذِلَّةِ المَكْروُبِ

يا مَنْ تَبيتُ قَريرةً أجفانُه … حاشَاكَ مِنْ قَلَقي وطُول نحيبي

أتَنَامُ عن سَهَري وأنتَ مُعَلِّلي … وتمَلُّ مِنُ سقَمي وأنْتَ طبيبي

وأقلُّ ما ألقاهُ من ألمِ الهَوى … أنِّي أموتُ وأنت لا تَدْري بي

وله:

رَعَى اللَّه ليلاتٍ تقضَّت بقربكم … قصارًا وحيّاها الحيا وسقاها

فما قُلْت إيهٍ بعدها لمسامرٍ … مِنَ الناسِ إلّا قالَ قَلْبِي آها

٥١٠ - محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع، الحكيم الأستاذ البارع سديد الدين الشيباني، المعروف بابن زقيقة. والد المحدث أحمد.

كان مع تقدمه في الطب أديبًا، شاعرًا متميزًا. توفي في جمادى الآخرة بدمشق، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.

روى عنه الموفق أحمد بن أبي أصيبعة، والشهاب القوصي.