عبد الوهاب بن محمد بن عيسى الخطابي. وكتب إلي بالإجازة بمسموعاته سنة سبع وخمس مائة، ومات بمالين هراة في ثاني عشر شوال سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة، عاش مائة وثلاث سنين.
وقال زكي الدين البرزالي وغيره: طاف أبو الوقت العراق، وخوزستان، وحدث بهراة، ومالين، وبوشنج، وكرمان، ويزد، وأصبهان، والكرج، وفارس، وهمذان. وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء، وكان عنده كتب وأجزاء، وسمع عليه من لا يحصى ولا يحصر.
وقال ابن الجوزي: كان صبورًا على القراءة عليه، وكان شيخًا صالحًا كثير الذكر والتهجد والبكاء، على سمت السلف. وعزم في هذه السنة على الحج، وهيأ ما يحتاج إليه فمات.
وقال الحافظ يوسف بن أحمد في الأربعين البلدية له، ومن خطه نقلت: ولما رحلت إلى شيخنا شيخ الوقت ومسند العصر ورحلة الدنيا أبي الوقت، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان على طرف بادية سجستان، فسلمت عليه وقبلته، وجلست بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك. وقد كتبت ما وقع إلي من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلو إسنادك. فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سعينا له، وقصدنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي لما سلمت علي، ولا جلست بين يدي. ثم بكى بكاء طويلًا وأبكى من حضره، ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عنا. وقال: يا ولدي، تعلم أني رحلت أيضًا لسماع الصحيح ماشيًا مع والدي من هراة إلى الداودي ببوشنج، وكان لي من العمر دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول: احملهما، فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييت أمرني أن ألقي حجرًا واحدًا، فألقيه ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟ فأخافه فأقول: لا. فيقول: لم تقصر في