وفيها جمع دبيس جمعًا بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار.
وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغربي في شعبان، ونودي ببغداد: من تخلف من الجند حل دمه، ثم سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلم الأموال، وتدخل تحت الطاعة، فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفذ الإقامات وتقدمة، ففعل وعفي عنه، ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يومًا، وكان القتال كل يوم، ووصل إليه أبو الهيج الكردي من الجبل في عساكر كثيرة.
ثم إن زنكي بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، وترحل عنا، فلم يجبه، ثم رحل، فقيل: كان سبب رحيله أنه بلغه أن السلطان مسعودًا قد غدر وقتل الأحمديلي، وخلع على دبيس.
قال ابن الجوزي: وتوفي شيخنا ابن الزاغوني، فأخذ حلقته بجامع القصر أبو علي ابن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلًا في الوعظ، فأذن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أول يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شنيف، وأبو علي بن القاضي، وابن قشامي، وقوي اشتغالي بفنون العلم، وأخذت عن أبي بكر الدينوري الفقه، وعن ابن الجواليقي اللغة، وتتبعت مشايخ الحديث.
وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروا كلهم، وقدم شمس الملوك دمشق مؤيدًا منصورًا، والأسرى بين يديه ورؤوس القتلى، ورأى الناس ما أقر أعينهم، فلله الحمد، وكان يومًا مشهودًا.
وفيها مات صاحب مكة أبو فليتة، وولي بعده أبو القاسم.
وفيها نازل ابن رذمير مدينة أفراغه، فحاصرها وبها ابن مرديش.