وقال: رحلت من طوس إلى أصبهان لأجل حديث أبي زرعة الرازي الذي أخرجه مسلم عنه في الصحيح، ذاكرني به بعض الرحالة بالليل، فلما أصبحت شددت علي، وخرجت إلى أصبهان، فلم أحلل عني حتى دخلت على الشيخ أبي عمرو، فقرأته عليه، عن أبيه، عن أبي بكر القطان، عن أبي زرعة، ودفع إلي ثلاثة أرغفة وكمثراتين، ثم خرجت من عنده إلى الموضع الذي نزلت فيه، وحللت عني.
وقال: كنت ببغداد في أول الرحلة الثانية من الشام، وكنت أنزل برباط الزوزني وكان به صوفي يعرف بأبي النجم، فمضى علينا ستة أيام لم نطعم فيها، فدخل علي الشيخ أبو علي المقدسي الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوت بأبي النجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أي شيء نعمل به؟ فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري خبزًا، وشواءً، وحلواء، وباقلى أخضر، ووردًا، وخسًا بالجميع، وترجع، فتركت الدينار في وسط مجلدة معي وعبرت، ودخلت على بعض أصدقائنا، وتحدثت عنده ساعة، فقال لي: لأي شيء عبرت؟ فقلت له، فقال: وأين الدينار؟ فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأن قائلًا يقول لي: أليس قد وضعته في وسط المجلدة؟ فقمت من النوم، وفتحت المجلدة، وأخذت الدينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته على رأسي، ورجعت إليه وقد أبطأت عليه، فلم أخبره بشيء إلى أن أكلنا، ثم أخبرته، فضحك وقال: لو كان هذا قبل الأكل لكنت أبكي.
وقال: كنت ببغداد في سنة سبع وستين، فلما كان عشية اليوم الذي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا على الشيخ أبي إسحاق جماعة من أهل الشام، وسألناه عن البيعة، كيف كانت؟ فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يومئذ مختط، وقال: هو أشبه الناس بهذا، وكان مولد المقتدي في الثاني عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوال من هذه السنة.
قال أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر: أنشدني أبي لنفسه: