وقدم من الديار المصرية، فدخل دخولاً لم يبلُغنا أن قاضياً دخل مثله من الاحتفال والزحمة وأصحاب البغلات والشهود، وكان يوماً مشهوداً. وجلس في منصب حكمه وتكلمت الشعراء.
وكان كريماً، جواداً، ممدَّحاً. ثم عُزِل بابن الصائغ، ودرّس بالأمينية إلى أن مات، وقد جمع كتاباً نفيساً في وفيات الأعيان، وتوفي عشيّة نهار السبت السادس والعشرين من رجب. وشيّعه خلائق.
ومن شعره:
أيُّ ليل عَلَى المحب أطالَه … سائقُ الظَّعْن يوم زمَّ جمالَه
يزجر العيسَ طاويًا يقطع المهـ … ـمة عسفًا سهوله ورمالهْ
يسألُ الرَّبْعَ عن ظباء المُصَلَّى … ما عَلَى الرَّبْع لو أجاب سؤالَهْ
هذه سنة المحبين يبكو … ن عَلَى كلّ منزلٍ لا مَحَالَهْ
يا خليلي إذا أتيت ربى الجز … ع وعاينت روضَهُ وتلالَهْ
قف بِهِ ناشدًا فؤادي فلي … ثَمَّ فؤادٌ أخشى عَلَيْهِ ضلالَهْ
وبأعلا الكثيب بيت أغض الـ … ـطرف عَنْهُ مَهابةً وجلالَهْ
حوله فِتْيةٌ تهزُّ من الخو … ف عَلَيْهِ ذوابلًا عسّالَهْ
كلّ من جئته لأسألَ عنه … أظهر العي غَيْرةً وتَبَالَهْ
منزِلٌ حقُّهُ عليَّ قديمٌ … فِي زمان الصّبى وعصر البطالَهْ
يا عُرَيْب الحِمَى اعذروني فإني … ما تجنبت أرضكم عن ملالهْ
لي مذ غبتُم عن العين نارٌ … لَيْسَ تخبو وأدمعٌ هطّالَهْ
فصِلونا إنْ شئتم أو فصدُّوا … لا عَدِمْناكم عَلَى كلّ حالَه (١)
٧ - إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي، المسند برهان الدين، أبو إسحاق ابن الدرجي، القرشي، الدمشقي، الحنفي، إمام المدرسة العزية بالكجك.
ولد سنة تسعٍ وتسعين وخمسمائة في شعبان وأجاز له: أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وإدريس بن محمد العطار، وأبو المفاخر خلف بن أحمد الفراء، وعبيد الله بن محمد بن أبي نصر
(١) الأبيات في ذيل مرآة الزمان ٤/ ١٥٦ - ١٥٨، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٣٠٨ - ٣٠٩.