فأنزل أستاذه من فرسه، وألبسه ثياب الركبدار، وألبس الركبدار ثيابه، وأمره بخدمة الركبدر وحمل مداسه ستة أشهر. وكانت الطرق آمنة في زمانه. وقد بعث ابنه الملك المسعود إقسيس، فافتتح اليمن والحجاز ومات قبله، وورث منه أموالاً عظيمةً. وكانت رايته صفراء وفيه يقول البهاء زهيرٌ:
بك اهتزّ عطف الدين في حلل النّصر وردّت على أعقابها ملّة الكفر يقول فيها:
وأقسم إن ذاقت بنو الأصفر الكرى لما حملت إلاّ بأعلامك الصّفر ثلاثة أعوامٍ أقمت وأشهراً تجاهد فيهم لا بزيدٍ ولا عمرو وليلة نفرٍ للعدوّ رأيتها بكثرة من أرديته ليلة النّحر فيا ليلةً قد شرّف الله قدرها فلا غرو إن سمّيتها ليلة القدر وهي من غرر القصائد.
ولما بلغته وفاة أخيه الأشرف سار إلى دمشق وقد تملكها أخوه الصالح فحاصره وأخذها منه وملكها واستقر بقلعتها في جمادى الأولى من السنة، فلم يمتع بها، وعاجلته المنية، ومات بعد شهرين بالقلعة في بيتٍ صغير، ولم يشعر أحدٌ بموته، ولا حضره أحدٌ من شدة هيبته. مرض بالسعال والإسهال نيفاً وعشرين يوماً، وكان في رجله نقرسٌ ولم يتحزن الناس عليه، ولحقتهم بهتةٌ لما سمعوا بموته. وكان فيه جبروتٌ. ومن عدله الممزوج بالعسف أنه شنق جماعةً من الأجناد على آمد في أكيال شعير أخذوه، وكذا لما نازل دمشق، بعث صاحب حمص رجاله نجدةً لإسماعيل، عدتهم خمسون نفساً، فأخذهم وشنقهم كلهم.
ذكر شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزري: أن عماد الدين يحيى البصراوي الشريف قال: حكى لي الخادم الذي للكامل قال: طلب مني الكامل طستاً حتى يتقيأ فأحضرته. وكان الملك الناصر داود على الباب ليعود عمه، فقلت: داود على الباب. فقال: ينتظر موتي؟! وانزعج، فخرجت، وقلت: