للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدعوكم إليه باطل. فخرج إلى الناس وقال: معشر الناس، قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه من الكتاب والسنة، وأنا أدعوكم إلى ذلك الساعة. فوجأ الأعوان في رقبته ولطموه، فنادى: يا معشر الحربية، المغرور من غررتموه، ثم قيد وبعث به إلى المدائن، إلى إبراهيم بن المهدي، فجرى بينه وبين إبراهيم كنحو ما جرى بين ابن الهادي وبينه. فأمر بسجنه. وكانوا قد أخذوا رجلا من أصحابه، يقال له: محمد الرفاعي، فضربه إبراهيم ونتف لحيته وقيده.

واستعمل إبراهيم على قضائه ببغداد قتيبة بن زياد الخراساني الحنفي، فهاجت في أيامه العامة على بشر المريسي، وسألوا إبراهيم ابن المهدي أن يستتيبه، فأمر قتيبة بذلك.

قال محمد بن خلف القاضي: سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي يقول: شهدت جامع الرصافة وقد اجتمع الناس، وقتيبة جالس. فأقيم بشر المريسي على صندوق، وكان مستملي سفيان بن عيينة أبو مسلم، ومستملي يزيد بن هارون يذكران أن أمير المؤمنين إبراهيم أمر قاضيه أن يستتيب بشرا من أشياء عددها. منها ذكر القرآن. فرفع بشر صوته يقول: معاذ الله لست بتائب، فكثر الناس عليه حتى كادوا يقتلونه، فأدخل إلى باب الخدم.

وأما المأمون، فذكر أن علي بن موسى الرضا حدث المأمون بما فيه الناس من القتال والفتن منذ قتل الأمين، وبما كان الفضل بن سهل يستره عنه من الأخبار، وأن أهل بيته والناس قد نقموا عليه أشياء، وأنهم يقولون: إنك مسحور أو مجنون، وقد بايعوا عمك إبراهيم. فقال: لم يبايعوه بالخلافة، وإنما صيروه أميرا يقوم بأمرهم، فبين له أن الفضل قد كتمه وغشه، فقال: ومن يعلم هذا؟ قال: يحيى بن معاذ، وعبد العزيز بن عمران، وعدة من أمرائك، فأدخلهم عليه، فسألهم، فأبوا أن يخبروا إلا بأمان من الفضل أن لا يعرض لهم. فضمن المأمون ذلك، فكتب لكل واحد بخطه كتابا، فأخبروه بما فيه الناس من البلاء، ومن غضب أهل بيته وقواده عليه في أشياء كثيرة. وبما موه عليه الفضل من أمر هرثمة. وأن هرثمة إنما جاءه لنصحه ولتدارك الأمر، وأن الفضل دس إلى هرثمة من قتله، وأن طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى، وفتح الأمصار، وقاد إليك الخلافة مزمومة، حتى إذا وطأ الأمر أخرج من ذلك كله، وصير في زاوية من الأرض بالرقة، قد منع من الأموال حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>