وصف بها نفسه أو وصفه بها نبيه فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز، ويعلم أن كلام الله غير مخلوق، تكلم به تكليما، وأنزله على رسوله على لسان جبريل، فتلاه على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتلاه محمد على أصحابه، ولم يصر بتلاوة المخلوقين له مخلوقا، لأنه ذلك الكلام بعينه الذي تكلم الله به، فهو غير مخلوق بكل حال، متلواَ ومحفوظا ومكتوبا ومسموعا، ومن قال إنه مخلوق على حال من الأحوال فهو كافر حلال الدم بعد الاستتابة منه، ويعلم أن الإيمان قول وعمل ونية، يزيد وينقص، ويجب أن نحب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن خيرهم وأفضلهم بعد رسول الله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ، ومن سب عائشة فلا حظ له في الإسلام، ولا نقول في معاوية إلا خيرا، ولا ندخل في شيء شجر بينهم. إلى أن قال: ولا نكفر بترك شيء من الفرائض غير الصلاة. فإن من تركها من غير عذر وهو صحيح فارغ حتى يخرج وقت الأخرى فهو كافر وإن لم يجحدها، لقوله عليه السلام: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر ولا يزال كافرا حتى يندم ويعيدها، وإن مات قبل أن يندم ويعيد أو يضمر أن يعيد، لم يصل عليه، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، وسائر الأعمال لا تكفر بتركها وإن كان يفسق حتى يجحدها: ثم قال: هذا قول أهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على الحق المبين، وعلى منهاج الدين. في كلام سوى هذا، وفي ذلك كما ترى بعض ما ينكر، وليس من السنة، والله الموفق.
[سنة أربع وثلاثين وأربعمائة]
في المحرم انفتحت الجوالي بأمر الخليفة، فأنفذ الملك جلال الدولة من منع أصحاب الخليفة وأخذ ما استخرج منها، وأقام من يتولى جبايتها. فشق ذلك على الخليفة، وترددت منه مراسلات، فلم تنفع. فأظهر العزم على مفارقة البلد، وأمر بإصلاح الطيار والزبازب، وروسل وجوه الأطراف والقضاة والأعيان بالتأهب للخروج في الصحبة، وتكلم بأنّه عامل على غلق الجوامع، ومنع من الجمعة في سابع المحرم، وكاتب جلال الدولة، فجاء كتابه: أنه يرى الطاعة، وأنّه نائب عن الخدمة نيابة لا تنتظم إلا بإطلاق العساكر، وقد التجأ