معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجر ثوبه مبادرا إلى سعد بن معاذ فوجده قد قبض.
وقال البكائي، عن ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري قال: كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خفة. فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا وما حملنا من جنازة أخف منه. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن له حملة غيركم، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش.
وقال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعد: ما بلغكم من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا؟ فقالوا: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول.
وقال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة، قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض - تعني حس الأرض - ورائي، فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه. فجلست، فمر سعد وهو يقول:
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت: وعليه درع قد خرجت منها أطرافه، فتخوفت على أطرافه، وكان من أطول الناس وأعظمهم. قالت: فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر فيهم عمر، وفيهم رجل عليه مغفر. فقال لي عمر: ما جاء بك؟ والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون تحوزا وبلاء. فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها. قالت: فرفع الرجل المغفر عن وجهه، فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: ويحك، قد أكثرت وأين التحوز