والفرار إلا إلى الله؟ قالت: ويرمي سعدا رجل من قريش، يقال له ابن العرقة، بسهم، فقال: خذها، وأنا ابن العرقة. فأصاب أكحله. فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من قريظة. وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية. فرقأ كلمه وبعث الله الريح على المشركين. وساق الحديث بطوله. وفيه قالت: فانفجر كلمه وقد كان برئ حتى ما يرى منه إلا مثل الخرص. ورجع إلى قبته. قالت: وحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر. فإني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر، وأنا في حجرتي، وكانوا - كما قال الله - تعالى - رحماء بينهم. قال: فقلت ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع؟ قالت: كانت عيناه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته.
وقال حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إلى سعد بن معاذ فأتي به محمولا على حمار وهو مضنى من جرحه، فقال له: أشر علي في هؤلاء. فقال: إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت فاعله. قال: أجل، ولكن أشر علي فيهم، فقال: لو وليت أمرهم قتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم وقسمت أموالهم. فقال: والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثني محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، سمع عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لما حكم سعد بن معاذ في قريظة أن يقتل من جرت عليه الموسى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات.