وقال ابن سعد: أخبرنا يزيد، قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن رجل من الأنصار، قال: لما قضى سعد في قريظة ثم رجع انفجر جرحه، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فأخذ رأسه فوضعه في حجره، وسجي بثوب أبيض إذا مد على وجهه بدت رجلاه، وكان رجلا أبيض جسيما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه، فتقبل روحه بخير ما تقبلت روح رجل. فلما سمع سعد كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتح عينيه، فقال: السلام عليك يا رسول الله، أشهد أنك رسول الله. قال: وأمه تبكي وتقول:
ويل أم سعد سعدا حزامة وجدا
فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوها فغيرها من الشعراء أكذب.
وقال عبد الرحمن بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مر به يقول: كيف أمسيت؟ وإذا أصبح قال: كيف أصبحت؟ فيخبره، فذكر القصة. وقال: فأسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - المشي إلى سعد، فشكا ذلك إليه أصحابه، فقال: إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة. فانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت وهو يغسل، وأمه تبكيه وتقول:
ويل أم سعد سعدا حزامة وجدا
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل نائحة تكذب إلا أم سعد. ثم خرج به فقالوا: ما حملنا ميتا أخف منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يمنعكم أن يخف عليكم وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط، قد حملوه معكم.
وقال شعبة: أخبرني سماك بن حرب، قال سمعت عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سعد بن معاذ وهو يكيد بنفسه فقال: جزاك الله خيرا من سيد قوم، فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك.