لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو إذا خفقت في الأفْق هُدْبُ بُنُودِها هوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ وإن نُشرت مثل الأصائِل في وغىً جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ وإن يمّمت زُرْقَ العدى سار تحتها كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ فكم وطئت طوعا وكرها معاقلا مضى الدهر عنها وهي عانسة بكر وإنْ رُمتَ حصناً سابَقَتْكَ كتائبُ من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ فلا حصنٌ إلاّ وهو سجنٌ لأهله ولا جسدٌ إلاّ لأرواحهم قبرُ قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُبح لغيرك إذ غرّتهم المغل فاغتروا وما المغل أكفاء فكيف بأرمن ولكنه غزو وكلهم كفر صرفت إليهم همة لو صرفتها إلى البحر لاستولى على مده الجزر وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها وإنْ عظُمت إلاّ إلى غيرها جسرُ طليعة ما يأتي من الفتح بعدها كما لاح قبل الشمس في الأُفق الفجرُ محجبة بين الجبال كأنها إذا ما تبدّت في ضمائرها سر تفاوت نصفاها فللحوت فيهما مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ فبعضٌ رسا حتّى علا الماءُ فوقَهُ وبعضٌ سما حتّى هَمَا دونَه القَطْرُ أحاط بها نَهران تبرز فيهما كما لاح يوماً في قلائده النَّحْرُ فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه لتحصينها كالبحر بل دونه البحرُ سريع يفوت الطّرْف جرياً وحده كريح سليمان التي يومُها شهرُ منها:
فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا لها كلّ يوم في ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ