للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أبطل الحاكم المنجمين من بلاده، وشددَّ في ذلك، وأعتقَ أكثر مماليكه وأحسن إليهم، وجعل ولي عهده ابن عمه عبد الرحيم بن إلياس، وخطب له بذلك، وأمر بحبس النساء في البيوت فاستمر ذلك خمسة أعوام وصلحت سيرته.

وحج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن ابن الأقساسي وكذلك في سنة ست.

وفي هذه السنة كانت الملحمة الهائلة بين ملك الترك طغان رحمه الله وبين جيش الصين فقتل فيها من الكفار نحو مائة ألف، ودامت الحرب أياما ثم نزل النصر، ولله الحمد.

[سنة خمس وأربعمائة]

فيها ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر حظَر على النساء الخروج من بيوتهن والاطلاع من الأسطحة ودخول الحَمّامات، ومنعَ الأساكفة من عمل الخِفاف، وقتل عدة نِسوة خالفنَ أمره، وكان قد لهج بالركوب في الليل يطوف بالأسواق، ورتب في كل درب أصحاب أخبار يطالعونه بما يتم، ورتبوا عجائز يدخلن الدُّور ويكشفن ما يتم للنساء، وأن فلانة تحب فلانا ونحو هذا، فُيْنفذ من يُمسك تلك المرأة، فإذا اجتمع عنده جماعة منهن أمر بتغريقهن، فافتضح الناس وضجوا في ذلك، ثم أمر بالنداء: أيما امرأة خرجت من بيتها أباحت دمها. فرأى بعد النداء عجائز فغرقهن. قال: فإذا ماتت امرأة جاء ولُيها إلى قاضي القضاة يلتمس غاسلة، فيكتب إلى صاحب المعونة، فيرسل غاسلةً مع اثنين من عنده ثم تعاد إلى منزلها.

وكان قد هم بتغيير هذه السُنة فاتفق أن مَر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي، فنادته امرأة من رَوُزَنة: أقسمتُ عليك بالحاكم وآبائه أن تقف لي. فوقفَ، فبكت بكاءً شديدا وقالت: لي أخ يموت، فبالله إلا ما حملتني إليه لأشاهده قبل الموت. فرق لها وأرسلها مع رجلين، فأتت بابا فدخلته، وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه، وأتى زوجها فسأل الجيران فأخبروه بالحال، فذهب إلى القاضي وصاح، وقال: أنا زوج المرأة، وما لها أخ، وما أفارقك حتى تردها إلي. فعظم ذلك على قاضي القُضاة، وخاف سطوة الحاكم، فطلع بالرجل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>