للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الدبيثي: سمع من أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، وبواسط من أبي المجد محمد بن جهور.

وله ديوان شعر مشهور وترسّل، وكان بارعًا في الشعر، محسنًا، بديع المعاني، بليغ الرسائل ذا خبرة تامة باللغة.

ومن شعره:

ما أنصفت بغداد ناشئها الذيِ … كثُر الثناء به على بغداد

سَل ذا إذا مد الجدال رِواقَهُ … بصوارم غير السيوف حدادِ

وجرت بأنواع العلوم مقالتي … كالسيل مَدَّ إلى قرار الوادي

وذعرت ألباب الخصوم بخاطر … يقظان في الإصدار والإيراد

فتصدعوا متفرقين كأنهم … مالٌ تفرقه يد ابْن طِراد (١)

وله يستعفي من حضور سِماط ابْن هُبَيرة، ويسمون السماط: الطَّبَق، لِما كان يناله من تألمه بقعود بعض الأعيان فوقه، فقال:

يا باذلَ المال فِي عَدمٍ وفي سَعَة … ومُطْعمَ الزاد فِي صُبْحِ وفيِ غَسَقِ

فِي كل بيت خِوانٌ من فَوَاضله … يَمِيرُهُم وَهْوَ يدعوهم إلى الطبَقِ

فاض النوال، فلولا خوفُ مفعمة … من بأس عدلك نادى الناسُ بالغرقِ

فكل أرض بها صوب وساكبة … حتى الوَغَى من نجيع الخيل والعَرَقِ

صُنْ مَنكِبي عن زِحامٍ إنْ غضبتُ لَهُ … تمكَّنَ الطَّعْنُ من عقلي ومن خُلُقي

وإن رضيتُ به فالذُلُ منقصة … وكم تكلّفته حملا فلم أطقِ

وإنْ تَوَهَّم قومٌ أنه حُمُقُ … فربما اشتبه التوقير بالحمق (٢)

وقد مدح الخلفاء والوزراءَ، واكتسب بالشُعْر.

وكان لَا يخاطب أحدًا إلَّا بالكلام العربي، ويلبس زي العرب، ويتقلد سيفًا. فعمل فِيهِ أَبُو القاسم بْن الفضل:

كم تَبَادَى وكم تُطَوِّلُ طرطو … رك؟ ما فيك شَعْرهٌ من تميم

فَكُلِ الضَّبَّ واقرط الحنظل اليا … بس واشرب ما شئت بَوْل الظليم

ليس ذا وجه من يضيف ولا يقـ … ـري وَلَا يدفع الأذى عَن حريم


(١) الأبيات في المنتظم ١٠/ ٢٨٨، وخريدة القصر ١/ ٢٢٥.
(٢) الأبيات في الخريدة ١/ ٢٨٤ - ٢٨٥.