وركعتين بـ ياسين والدُّخان، لا يكاد يخلّ بهنّ، وكان يقوم بالليل سَحَراً يقرأ بالسُّبع، وربما رفع صوته بالقراءة، وكان حسن الصوت، رحمة الله عليه.
سمعت الحافظ الزاهد أبا عبد الله اليونيني، قال: لما كنت أسمع شناعة الخلْق على الحنابلة بالتشبيه، عزمت على سؤال الشيخ الموفق عن هذه المسألة، وهل هي مجرّد شناعة عليهم أو قال بها بعضهم؟ أو هي مقالة لا تظهر من علمائهم إلا إلى من يوثق به؟ وبقيت مدة شهور أريد أن أسأله، ما يتّفق لي خلوّ المكان، إلى أن سهّل الله مرة بخلوّ الطريق لي، وصعِدت معه إلى الجبل، فلما كنا عند الدرب المقابل لدار ابن محارب، وما اطّلع على ضميري سوى الله عز وجل، فقلت له: يا سيدي، فالتفت إليّ، وأنا خلفه، فقال لي: التشبيه مستحيل، وما نطقت أنا له بأكثر من قولي: يا سيدي، فلما قال ذلك تجلّدت، وقد أخبر بما أريد أن أسأله عنه، وكشف الله له الأمر، فقلت له: لِمَ؟ قال: لأن من شرط التشبيه أن نرى الشيء، ثم نشبّهه، من الذي رأى الله، ثم شبّهه لنا؟
وسمعت أبا عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن جعفر المقرئ يقول: جئت إلى الشيخ الموفق، وعنده جماعة، فسلمت، فردّ عليّ ردّاً ضعيفاً، فقعدت ساعة، فلما قام الجماعة، قال لي: اذهب فاغتسل، فبقيت متفكّراً، ثم قال لي: اذهب فاغتسل، فتفكرت، فإذا قد أصابتني جنابة من أول الليل ونسيتها.
وسمعت الشريف أبا عبد الله محمد بن كبّاس الأعناكي يقول: كنت يوماً أتفكر في نفسي، لو أن لي شيئاً من الدنيا لبنيت مدرسة للشيخ الموفق، وجعلت له كل يوم ألف درهم، ثم إنني قمت، فجئت إليه فسلّمت عليه، فنظر إليّ وتبسّم، وقال: إذا نوى الشخص نية خير كُتب له أجرها!
وقال أبو شامة: وذكر الشيخ الموفق فقال: كان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين في العلم والعمل، صنّف كتباً كثيرة حِساناً في الفقه وغيره، ولكن كلامه فيما يتعلق بالعقائد في مسائل الصفات على